نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 202
ثمّ يستعرض الإمام مثالاً عن هذا الادّعاء ( بأنّ بعض الأمور البرهانيّة يمكن أن لا تكون موضعاً للتصديق والإيمان ) وأنّها لا تثبت إلاّ بالوجدان فيقول : « أنت تعلم بأنّ الموتى لا تصدر عنهم أيّة حركة وأنّهم لا يستطيعون إلحاق الأذى بك ، وأنّ الموتى لا يعادلون ذبابةً حيّة واحدة من حيث الأثر والفعّاليّة ، كما تدرك أنّهم لا يمكن أن يعودوا إلى الحياة في هذا العالم بعد موتهم وقبل يوم النشور ، إلاّ أنّك قد لا تمتلك القدرة على النوم وحيداً براحة في المقابر ، هذا ليس إلاّ لأنّ قلبك لم يصدّق بما عندك من علم ، وإنّ الإيمان بهذا الأمر لم يتحصّل لديك ، في حين إنّ أولئك الذين يقومون بتغسيل وتكفين الموتى تحصّل لهم الإيمان واليقين بهذا الأمر نتيجة تكرار العمل ، فهم يستطيعون الخلوة مع الموتى براحة بال واطمئنان ، كذلك فإنّ الفلاسفة الذين أثبتوا بالبراهين العقليّة أنّ الحقّ حاضرٌ في كلّ مكان ، دون أن يصل قلوبهم ما أثبتته عقولهم بالبرهان ، ولم تؤمن به قلوبهم ، فإنّ أدب الحضور لن يتحقّق لديهم ، في حين إنّ أولئك الذين أيقنوا بحضور الحقّ بقلوبهم وآمنت قلوبهم بذلك ، فإنّهم - رغم أن لا علاقة لهم بالبراهين - يتحلّون بأدب الحضور ويجتنبون كلّ ما ينافي حضور المولى . فالعلوم المتعارفة إذن وإن كانت علوم فلسفة وتوحيد لكنّها تعدُّ في حدِّ ذاتها حجباً ، وهي تزيد الحجاب غلظةً وسمكاً كلّما زاد ، كذلك فإنّنا نعلم جميعاً ونرى بأنّ دعوة الأنبياء عليهم السلام والأولياء الخلّص لله تعالى لا تتّخذ الفلسفة والبرهان المتعارف لسان حال لها ، بل إنّهم يهتمّون بأرواح وقلوب الناس ويسعون في إيصال نتائج البراهين إلى قلوب العباد ،
202
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 202