نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 194
عندهم مراتب تختلف فيما بينها ، لا لجهة تفاوت نوعيّ أو جنسيّ حتّى يلزم من ذلك تعدّد المعرفة في حقيقتها وجوهرها ، بل لتفاوت مراتب المتلقّين وتفاوت ملكاتهم واستعداداتهم ، ولمّا لم تكن مراتبهم منحصرة في عدد متناه ، لم تكن مراتب المعرفة كذلك من حيث التفصيل ، لكنّ بعض العرفاء كالآملي يرون أنّ كليّاتها ثلاثة تختلف تسمياتها باختلاف الاعتبار ، فهي إذا لوحظت كمراتب للمعرفة باعتبار طبيعة حصولها بغضّ النظر عمّن تحصل له ، كانت شريعة وطريقة وحقيقة . وإن لوحظت باعتبار طبيعة العارف والمُلقي ، كانت إسلاماً وإيماناً وإيقاناً [1] . والمعرفة عند العرفاء تختلف في مصدرها عن سائر المدارس الفكريّة بأنّها نابعة من الكشف وإدراكات القلب من غير توسّط العقل ، وهي عندهم صفة من عرف الحقّ سبحانه بأسمائه وصفاته . ومن هنا كانت المعرفة العرفانيّة أرقى في الوصول إلى الحقائق والمعارف من العلوم والبراهين الفلسفيّة والكلاميّة التي قد تكون في بعض الحالات حجاباً غليظاً ومانعاً أمام المعرفة ، وعلى العكس من هدف المعرفة العرفانيّة التي تسعى لمعرفة الحقّ تعالى فإنّ سائر العلوم والمعارف تسعى إلى معرفة آثار ذات الحقّ تعالى وتجلّياته . ولعلّ ما سنوضحه في النقاط اللاحقة سوف يكشف لنا بشكل أوضح طبيعة هذه المعرفة وأهدافها وخصائصها ومميّزاتها عن سائر العلوم والمعارف - فلا نطيل - .