نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 185
والتوحيد بهذه المرتبة هو الذي أشار إليه إمام الموحِّدين عليّ عليه السلام حيث قال : « وكمال توحيده الإخلاص له ، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه » [1] . توضيح ذلك : أنّ للتوحيد مراتب مختلفة بعضها فوق بعض ، ولا يكمل حتّى يعطى الإله الواحد حقّه في الألوهيّة المنحصرة ، ولا يقتصر على مجرّد تسميته إلهاً واحداً ، بل ينسب إليه كلّ ما له نصيب من الوجود والكمال ; كالخلق والرزق والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع ، وأن يخصّ الخضوع والعبادة به ، فلا يتذلّل لغيره بوجه من الوجوه ، بل لا يرجى إلاّ رحمته ، ولا يخاف إلاّ سخطه ، ولا يطمع إلاّ فيما عنده ، ولا يعكف إلاّ على بابه . وبعبارة أخرى أن يخلص له علماً وعملاً ، وهو قوله عليه السلام : « وكمال توحيده الإخلاص له » . وإذا استوى الإنسان على أريكة الإخلاص ، وضمّته العناية الإلهيّة إلى أولياء الله المقرّبين ، لاحت على بصيرته لوائح العجز عن القيام بحقّ المعرفة ، وتوصيفه بما يليق بساحة كبريائه وعظمته . فإنّه ربما شاهد أنّ الذي يصفه تعالى به معان مدركة ممّا بين يديه من الأشياء المصنوعة ، وأمور ألِفها من مشهوداته الممكنة ، وهي صور محدودة مقيّدة بعضها بعضاً ، ولا تقبل الائتلاف والامتزاج . انظر إلى مفاهيم العلم والقدرة والحياة ونحوها ، فإنّ مفهوم العلم مثلاً هو معنى أخذناه من وصف محدود في الخارج ، نعدّه كمالاً لما لا يوجد له ، وفي هذا المفهوم من التحديد ما يمنعه أن يشمل القدرة في