نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 160
الحقائق للناس بالدليل ؟ وكيف يدلّل على صحّة مشاهداته القلبيّة ؟ فالفيلسوف ليس لديه مشكلة حيث إنّ أداة العقل بين يديه ، ويمسك بها على نحو يقدر معه أن يبيّن ويعرّف عن كلّ ما يصل إليه من فرضيّات ومن احتمالات بقوّة العقل ، فإذا ثبت شيء لديه بالعقل فهو قادر على أن يثبته للآخرين بنفس الدليل العقلي الذي قام عنده . ومشكلة العارف أنّه يرى بقلبه أو يعيش الحقائق بقلبه ، فكيف يعبّر عن هذه الحقائق ؟ وإن كان يعبّر عنها من خلال ادّعاء المعايشة والرؤية ، فليس هناك من حقائق يستطيع إثباتها للآخرين ، وليس هناك إلزام للآخرين بمشاهدات العارف وبرؤى العارف ، لأنّ اللغة الأساسيّة التي يؤمن بها العلم هي لغة العقل ، وهنا يأتي السؤال المهمّ وهو : أيطلق العارف ادّعاءاته في المشاهدة والعرفان ، أم له لغة استدلاليّة عقليّة برهانيّة يثبت من خلالها هذه المطالب ويعطي الدليل عليها ؟ وهذا السؤال أوقع البحث العلمي في العالم العربي والإسلامي في كثير من المشكلات ، وهناك الكثير من الطعونات والردود والنقوض على العرفان انطلقت من هذه المشكلة بالذات ، ومن هذه الإشكاليّة التي تفيد بأنّ العارف يحاول أن يلزم الآخرين بمشاهداته القلبيّة دون استدلال ، بينما الفيلسوف يلزم الآخرين من خلال العقل . وقبل الإجابة على هذه الإشكاليّة نشير إلى حقيقة وهي أنّه تارةً يكتب الشاعر شعراً بلغة معيّنة ، ويأتي شخص آخر - أو نفس الشاعر - فيقرأ ما كتبه بلغة أخرى ، وتارةً أخرى يكتب الشاعر الشعر بلغة ولنفرض أنّها العربيّة ، ويبيّنه ويقرأه بنفس تلك اللغة ( العربية ) .
160
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 160