نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 152
والخلاصة : أنّ التفسير العرفاني للوجود ، أو الرؤية العرفانيّة لعالم الوجود تختلف اختلافاً عميقاً عن تفسير الفلسفة للوجود . ففي نظر الفيلسوف الإلهي : كما أنّ لله أصالة ، فلغيره أصالة كذلك ، إلاّ أنّ الله واجب الوجود وقائم بالذات ، وغيره ممكن الوجود وقائم بالغير ، ومعلول لواجب الوجود ، أمّا في نظر العارف فالأشياء ، أو كلّ ما هو غير الله ، لا وجود له في الحقيقة ، بل هو شؤون وتجلّيات له تعالى . فرؤية الفيلسوف تختلف عن رؤية العارف ، لأنّ الفيلسوف يريد فهم الكون ، وإيجاد صورة صحيحة جامعة وكاملة نسبيّاً عن العالم في ذهنه ، وفي نظر الفيلسوف أنّ الحدّ الأعلى للكمال الإنساني بأن يرى العالم كما اكتشفه بعقله ، بحيث يرى العالم - في وجوده هو - وجوداً عقلانيّاً ويصير هو عالماً عقلانيّاً . ولهذا قيل في تعريف الفلسفة بأنّها : « صيرورة الإنسان عالماً عقليّاً مضاهياً للعالم العيني » [1] . أي أنّ الفيلسوف عبارة عن عالم عقليّ شبيه بالعالم العيني الخارجي . ولكن العارف لا شأن له بالعقل والفهم ، بل يريد الوصول إلى كنه وحقيقة الوجود ، والاتّصال به ، والوصول إلى حالة الشهود ، ففي نظر العارف ليس الكمال الإنساني في التصوّر الصرف للوجود في ذهنه ، بل هو يريد العودة بقدم السير والسلوك إلى الأصل الذي جاء منه وإلغاء المسافات البعيدة والفاصلة بينه وبين ذات الحقّ ، وأن يتحوّل في بساط القُرب من نفسه الفانية إلى البقاء بالله عزّ وجلّ [2] .
[1] الحكمة المتعالية في الأسفار العقليّة الأربعة ، مصدر سابق : ج 1 ص 20 . [2] الكلام والعرفان ، مطهّري ، مصدر سابق : ص 71 - 72 .
152
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 152