نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 147
الوجود عنده متعدّد ، ولكن واحد منه واجب ، مطلق ، لا متناه ، وما عداه فهو ممكن ، متناه ، محدود ، مخلوق ومصنوع للأوّل . فهذه رؤية الحكيم بشكل إجماليّ من دون الدخول في الحيثيّات التفصيليّة لذلك . أمّا العارف فيرى بأنّه لا يمكن القول بأنّ الوجود متعدّد ، بل هو وجود واحد حقيقة ، ولكن هذا الوجود له آيات تشير إليه ، وله مظاهر وتجلّيات ، وأفضل تعبير عن ذلك هو التعبير القرآني حيث يعبّر ب « الآيات » ، وإن كان أحياناً يعبّر ب « التجلّي » ، ولكن التعبير السائد هو « الآيات » ، ولذا فإنّنا لا نجد من أوّل القرآن إلى آخره مورداً يعبّر فيه القرآن عن موجودات عالمنا بالمصنوعات ، أو الممكنات . . . وإنّما تعبيره دائماً بأنّها جميعاً آيات الحقّ سبحانه وتعالى . ولسان حال الآية هو أنّها لا تملك شيئاً من نفسها ، وإنّما تشير إلى أنّ الغير يملك كذا وكذا ؛ لذا قيل إنّ الآية هي العلامة الدالّة على الغير . قال الراغب في « المفردات » : « والآية هي العلامة الظاهرة ، وحقيقته ، لكلّ شيء ظاهر هو ملازم لشيء لا يظهر ظهوره . فمتى أدرك مدرك الظاهر منه علم أنّه أدرك الآخر الذي لم يدركه بذاته ؛ إذ كان حكمهما سواء » [1] . ولعلّ خير تعبير عن الممكنات ما ورد في قوله تعالى : * ( أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ) * [2] ; حيث أشارت إلى أنّ هذا العالم بمنزلة
[1] الراغب ، الإصفهاني ، أبو القاسم الحسين بن محمد ( ت 502 ه - ) ، المفردات في غريب القرآن ، تحقيق عدنان صفوان داودي ، دار القلم ، بيروت : ص 33 ، مادّة « أي » . [2] الفرقان : 45 - 46 .
147
نام کتاب : العرفان الشيعي نویسنده : شيخ خليل رزق جلد : 1 صفحه : 147