الهواء بجرم مركب من بخار ودخان يكون موضوعا لتخيلاتهم ليحصل لهم سعادة وهمية وكذلك لبعض الأشقياء فيه شقاوة وهمية .
وطائفة زيفوا هذا القول في الجرم الدخاني وصوبوه في الجرم السماوي والشيخ الرئيس نقل هذا الرأي من بعض العلماء ووصفه بأنه ممن لا يجازف في الكلام والظاهر أنه أبو نصر الفارابي واستحسنه قائلا يشبه أن يكون ما قاله حقا [1] .
وكذا صاحب التلويحات صوبه واستحسنه في غير الأشقياء قال وأما الأشقياء [1] فليست لهم قوة الارتقاء إلى عالم السماء ذوات نفوس نورية وأجرام شريفة .
قال والقوة يحوجهم إلى التخيل الجرمي وليس يمتنع أن يكون تحت فلك القمر وفوق كرة النار جرم كري غير منخرق هو نوع بنفسه ويكون برزخا بين العالم الأثيري والعنصري موضوعا لتخيلاتهم فتخيلون من أعمالهم السيئة مثلا من نيران وحيات تلسع وعقارب تلذع وزقوم يشرب .
قال وبهذا يندفع ما بقي من شبه أهل التناسخ .
وقال تأكيدا لهذا الرأي ولست أشك لما اشتغلت به من الرياضات أن الجهال والفجرة لو تجردوا عن قوة جرمية مذكرة لأحوالهم مستتبعة لملكاتهم وجهالاتهم مخصصة لتصوراتهم .
فهذه أقوال هؤلاء الأفاضل وقد مر أن مبناه على عدم الاطلاع على وجود عالم آخر فيه معاد هذه النفوس الخيالية .

[1] : واعلم أن الشيخ نقل هذا القول في أواخر إلهيات الشفاء مبحث المعاد .
[1] : شرح حكمة الإشراق ط 1316 ه ق ص 452 453 454 .

257