هل لها مادة تقبل تلك الصور والهيئات أم لا فإن كانت لها مادة فما هي والنفس مفارقة عن عالم المواد والأجسام .
فنقول نعم إن لتلك الصور الأخروية أمرا يشبه المادة الحاملة لهذه الصور الدنيوية إلا أنها يمتاز عن هذه بأن هذه ناقصة يحتاج إلى فاعل مباين يكملها على سبيل التربية شيئا فشيئا لأنها في عالم الحركات والاتفاقات وأما تلك القوة فهي نفسانية مستكفية بذاتها وبعللها الذاتية فإذا زالت عنها الصور ففي استرجاعها يكفي تذكرها من غير حاجة إلى تجشم اكتسابه من فاعل جديد وهذا بخلاف هذه المواد .
أو لا ترى [1] محل السواد إذا زالت عنه صورة السواد فيحتاج في استرجاعها إلى علة جديدة مباينة عن ذاته .
حكمة عرشية كل هيولى يكون ألطف جوهرا وأشد قربا إلى الروحانية فإنها يكون أشرف صورة وأسرع قبولا للصور وأسهل انفعالا من الفاعل .
مثال ذلك الماء فإنه لكون جوهره ألطف من جوهر التراب صار لقبول الطعوم والأصباغ والأشكال أسرع والهواء لكونه ألطف منهما لقبول الأصوات والروائح والأشكال أقبل منهما لما يقبلانه ثم الأرواح الحيوانية والأنوار الحسية لكونها ألطف من تلك المذكورات أولا فهي يقبل الصور المحسوسة بها دفعة بلا مهلة فهذا باب من المعرفة لأهل الاستبصار يمكن لهم الولوج إلى ملكوت الآخرة والناس في غفلة عن هذا .

[1] : في نسخة ل م وآق أو لا ترى أن محل السواد .

327