يقع له صحة ما أقر به اكتسابا ولا مشاهدة لم يكتسب تحقيقه من جهة العلم فتقوم له الدلائل على صحته ولا شاهد بقلبه حالا أزال عنه الشكوك وقد سبق له من الله الشقاء فاعترضت له شبهة من خاطر أو ناظر ففتنته فانتقل عنه إلى ضده فأما من سبق له من الله الحسنى فإن الشبهات لا تقع له والعوارض تزول عنه إما اكتسابا من علم الكتاب والسنة ودلائل العقل فيزيل خواطر السوء عنه وترد شبهات الناظر له إذ لا يجوز أن يكون لما خالف الحق دلائل الحق فهذا لا تعترضه الشكوك أو يكون ممن قد وقع له صحة الإيمان ويرد الله تعالى عنه خواطر السوء باعتصامه بالجملة ويرد عنه الله الناظر المشكك له لطفا به فلا يقابله فيسلم له صحة إيمانه وإن لم يكن عنده من البيان ما يحتاج مناظرة ناظره ولا ما يزيل خاطره أو يكون ممن وقع له صحة ما أقر به شهودا أو كشوفا كما أخبر حارثة عن نفسه من شهوده ما أقر به حتى حل ما غاب عنه من ذلك محل ما حضر وأكثر لأنه أخبر أنه عزف عن الشاهد فصار الغيب له شهودا والشاهد غائبا كما قال الداراني انفتحت عيون قلوبهم فانطبعت عيون رؤوسهم فمن وقع له صحة ما أقر به من هذه الجهة لم يرجع عن الآخرة إلى الدنيا ولا ترك الأولى للأدنى وهذا كله أسباب العصمة من الله له وتصديق ما وعد بقوله تعالى « يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة » فقد صح أن المؤمن الحقيقي لا ينتقل عن الإيمان لأنه موهبة له من الله جل وعز وعطاء وفضل واختصاص وحاشا الحق عز وجل أن يرجع فيما وهب أو يسترد ما أعطى