ولأبي العباس بن عطاء في ذلك كتاب سماه كتاب عودة لصفات وبدئها وأما الكبار منهم والمحققون فلم يروا رد الفاني إلى بقاء الأوصاف منهم الجنيد والخراز والنوري وغيرهم فالفناء فضل من الله عز وجل وموهبة العبد وإكرام منه له واختصاص له به وليس هو من الأفعال المكتسبة وإنما هو شئ يفعله الله عز وجل بمن اختصه لنفسه واصطنعه له فلو رده إلى صفته كان في ذلك سلب ما أعطى واسترجاع ما وهب وهذا غير لائق باله عز وجل أو يكون من جهة البداء والبداء صفة من صفات العلم وهذا من الله عز وجل منفي أو يكون ذلك غرورا وخداعا والله تعالى لا يوصف بالغرور ولا يخادع المؤمنين وإنما يخادع المنافقين والكافرين وليس مقام الفناء يدرك بالاكتساب فيجوز أن يكتسب ضده فإن عورض بالإيمان والرجوع عنه وهو أفضل المراتب وبه يدرك جميع المقامات أجيب عنه أن الإيمان الذي يجوز الرجوع عنه هو الذي اكتسبه العبد من إقرار لسانه والعمل بأركانه ولم يخامر الإيمان حقيقة سره لا من قبل الشهود ولا من صحة العقود لكنه أقر بشئ وهو لا يدري حقيقة ما أقر به كما جاء في الحديث إن الملك يأتي العبد إذا وضع في لحده فيقول ما قولك في هذا الرجل فيقول سمعت الناس يقولون شيئا فقلته فهذا شاك غير متقين أو يكون أقر بلسانه وانطوى على تكذيبه كالمناطق الذي أقر بلسانه وكذبه بقلبه واضمر خلافه ولكنه أقر بلسانه ولم يكذبه بقلبه ولا اضمر خلافه ولكن لم