يلذ إن عدلت منه قوارعه * وإن تزيد في تعديله بهرا ( فصل ) إن للقوم عبارات تفردوا بها واصطلاحات فيما بينهم لا يكاد يستعملها غيرهم نخبر ببعض ما يحضر ونكشف معانيها بقول وجيز وإنما نقصد في ذلك إلى معنى العبارة دون ما تتضمنه العبارة فإن مضمونها لا يدخل تحت الإشارة فضلا عن الكشف وأما كنه أحوالهم فإن العبارة عنها مقصورة وهي لأربابها مشهورة . الباب الثاني والخمسون ( قولهم في التجريد والتفريد ) فمعنى التجريد أن يتجرد بظاهره عن الأعراض وبباطنه عن الأعواض وهو ألا يأخذ من عرض الدنيا شيئا ولا يطلب على ما ترك منها عوضا من عاجل ولا آجل بل يفعل ذلك لوجوب حق الله تعالى لا لعلة غيره ولا لسبب سواه ويتجرد بسره عن ملاحظة المقامات التي يخلها والأحول التي ينازلها بمعنى السكون إليها والإعتناق لها والتفريد أن يتفرد عن الأشكال وينفرد في الأحوال ويتوحد في الأفعال وهو أن تكون أفعاله لله وحده فلا يكون فيها رؤية نفس ولا مراعاة خلق ولا مطالعة عوض ويتفرد في الأحوال عن الأحوال فلا يرى لنفسه حالا بل يغيب برؤية محولها عنها ويتفرد عن الأشكال فلا يأنس بها ولا يستوحش منها وقيل التجريد أن لا يملك والتفريد أن لا يملك أنشدونا لعمرو بن عثمان المكي : تفرد بالله الفريد فريد * فظل وحيدا والمشوق وحيد