الفجر فلا يرفع رأسه إلَّا عند الزوال [1] ؟ وعن الفضل بن شاذان : أنّه دخل على محمّد بن أبي عمير وهو ساجد ، فأطال السجود ، فلمّا رفع رأسه ذكر له الفضل طول سجوده ، فقال : كيف لو رأيت جميل ابن درّاج ؟ ثمّ حدّثه أنّه دخل على جميل بن درّاج ، فوجده ساجدا فأطال السجود جدّا ، فلمّا رفع رأسه قال له محمّد بن أبي عمير : أطلت السجود ؟ فقال : وكيف لو رأيت معروف بن خربوذ [2] ؟ ونقل الفضل بن شاذان ما مثاله : أنّ الحسن بن عليّ بن فضّال كان أعبد أهل عصره وأطول سجودا من غيره [3] . إيّاك والتعجّب ممّا ذكر أو يذكر في هذ الأمر ؛ لأنّ المحبّ يلتذّ بمناجاة محبوبه ، وأقرب الحال هو السجود المتجلَّي فيه التذلَّل المستلزم للرقي . فتبيّن في هذه الخاتمة أمور : الأوّل : أنّ قوام الصلاة هو النجوى مع اللَّه ، وقادمها وغابرها الدعاء ، وأنّ المصلَّي الشاهد لفقره الذاتيّ والوصفيّ والفعليّ لا يجد في نفسه إلَّا فيض مولاه المحيط به من بين يديه وما خلفه وما بين ذلك . كما أنّ الملك المقرّب أيضا كذلك . الثاني : أنّ التعقيب موجب لدوام الصلاة وامتدادها ، بحيث يكون المصلَّي المعقّب دائما في صلاته . الثالث : أنّ قلب المؤمن مرآة صدق ، يرى به السالك ما للَّه عنده وما له عند اللَّه تعالى . الرابع : أنّ الدعاء مستجاب حال التعقيب ، وأنّ ترك الدعاء والمسألة عقيب الصلاة موهم للاستغناء عن اللَّه . الخامس : أنّ للتعقيب مراتب ، وأنّ المصلَّي ما دام متطهّرا فهو في التعقيب .
[1] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 455 . [2] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 455 . [3] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 455 .