بالقسط ، فهو قائم دائما ، ولعلّ من هذا القبيل : اتّصاف بقيّة اللَّه تعالى واتّسامه - عليه السّلام - بوصف القيام وسمته . ولمّا كان القيام لإحياء كلمة اللَّه وإعلائها فمن أحياها وأعلاها فهو قائم واقعا وإن كان قاعدا ظاهرا . ومن لم يحيها ولم يعلها فهو قاعد واقعا وإن كان قائماً ظاهرا حسبما يذكر في تفسير القيام للجهاد ، والقعود عنه ، من أنّ المدار هو : إحياء الدين بالجهاد والاجتهاد ، وإعلاء كلمة الحقّ بالإيثار والنثار ، سواء كان المجيء قائماً أو قاعدا على ما بينهما من الميز المقوليّ ؛ لأنّ كلّ واحد منهما من مقولة الوضع ، ولا اعتداد بالقيام البدنيّ تجاه قيام القلب بإحياء الدين وصون تراثه عن الضياع ، ولعلّ من هذا القبيل : هو ما قاله أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام : « . وما جالس هذا القرآن أحد إلَّا قام عنه بزيادة أو نقصان ، زيادة في هدى ، أو نقصان من عمى » [1] . وما قاله - عليه السّلام - في وصف أولياء اللَّه « . بهم قام الكتاب وبه قاموا » ؛ لأنّ المراد من قيام القرآن بهم : هو ظهوره العلميّ في القلوب ، والأذهان ، وأثره العمليّ في الجوارح والأبدان بإرشادهم وتبليغهم ، كما أنّ المراد من قيام هؤلاء الأولياء بالقرآن : هو علمهم وعملهم به ، وتعليمهم الناس الكتاب والحكمة وتزكيتهم بما يبعدهم عن النار ، ويقرّبهم إلى الجنّة ، ويزلفهم إلى لقاء اللَّه سبحانه . ومن هنا يظهر أيضا معنى قول عليّ - عليه السّلام - في طعن النفاق ، وقدح المنافق : « . قد أعدّوا لكلّ حقّ باطلا ، ولكلّ قائم مائلا . » [2] . والحاصل : أنّ القيام إنّما هو تمثّل للحالة الَّتي بها يقدر العبد على المسارعة ، ثمّ الاستباق ، ثمّ الإمامة بأتمّ وجه ، فمن قام واستقام للَّه تتنزّل عليه الملائكة وتبشّره بالولاية الطاردة للخوف والحزن ، كما قال تعالى * ( « إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا ا للهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » ) * [3] .