* ( « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّه ِ ) * . » [1] ، و « . * ( كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّه ِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ) * » [2] ، ولا خفاء في أنّ المراقب على القيام للَّه وحده يصير قائماً بالقسط ، ثمّ يصير قوّاما به ، ثمّ يصير مظهرا للقيّوم الذي تعنو له الوجوه بالعرض والتبع ، كما أنّها عنت للحيّ القيّوم بالذات وبالأصالة . والغرض : كما أنّ المحاورة قد استقرّت على التعبير عن الصبر والحلم والجهاد والاجتهاد بالقيام ؛ لأنّه أقوى حالة للإنسان بها يقدر على الذبّ أو الصول كذلك المشاهدة الملكوتيّة قد استمرّت على التمثّل بالقيام أو الانحناء أو السجود ، أو الجلوس ، لأحوال تعتري الإنسان تجاه ربّه من الحضور لديه ، والانقياد لأمره ، والتذلَّل في فنائه ، والتربّص لصدور أمره ، وحيث إنّ المهمّ في إقامة الصلاة هو كون المصلَّي قائماً للَّه لا يعجزه شيء ولا يقعده أمر من الأمور ورد في حقّ القيام والاهتمام به حال الصلاة : أنّه « لا صلاة لمن لم يقم صلبه » [3] ، وهذا وإن كان ظاهره الحكم الفقهيّ من لزوم الاستواء حال التكبير للإحرام ، وحال القراءة ، وقبل الركوع ونحو ذلك ممّا يجب فيه القيام ، ركنا أو جزء ولكنّ تأويله هو : أنّ المناجاة مع اللَّه تستلزم المقاومة مع الخواطر والهواجس ، فضلا عنها مع الكوارث والحوادث . كما أنّ إحياء العدل ، وإجراء القسط ، وعون المظلوم ، وخصم الظالم تفتقر إلى القدرة المعبّرة عن ذلك بالقيام بالقسط ، حسبما ورد في حقّ اللَّه تعالى * ( شَهِدَ ا للهُ أَنَّه ُ لا إِله َ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ) * [4] . وحيث إنّ اللَّه سبحانه دائم في شهادته بالوحدانيّة فهو دائم القيام بالقسط ، وكذلك الملائكة الَّذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ، ويخافون من فوقهم ، ولا يعصونه طرفة عين ، بل وهكذا أولو العلم ، إذ الدوام في الشهادة بالتوحيد مستلزم للدوام في القيام
[1] النساء : 135 . [2] المائدة : 8 . [3] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 79 . [4] آل عمران : 18 .