والصراط والنبوّة والرسالة والوحي والولاية ، وما إلى ذلك ممّا يرجع إلى ربوبيّته تعالى ، حيث إنّ الربّ كما يربّ الحجر والمدر والشجر والبرّ والبحر والحيوان الأعجم كذلك يربّ الإنسان ، ومعلوم أنّ تربيبه وتربيته إنّما هو في ضوء الشريعة والصراط الذي بدونه يكون الناس كالأنعام بل هم أضل ، وبه يصير نبيّا ورسولا ووليّا ، أو عبدا صالحا ومؤمنا فالحا ونحو ذلك . ومن المعلوم : أنّ لكلّ من المعارف المارّة سرّا عينيّا يختصّ به ، ولا ينال المصلَّي المناجي ربّه إيّاه إلَّا بمعرفة هذه المعارف والاعتقاد بها والسير نحوها حتّى يحصل له شهود مصاديقها ، ويصل إلى سرّها ، وما نقل من مآثر أهل البيت - عليهم السّلام - وآثار مقتفيهم من الخرور مغشيّا عند قراءة الفاتحة فإنّما هو باستناد شهود نبذ من إسرارها . وحيث إنّ المصلَّي بعد معرفة استحقاق اللَّه سبحانه للعبادة بالبرهان الذي أقامه القرآن يريد أن يصل إلى معروفه بالعيان ، أي : العرفان ، ولا وسيلة لتلك الصلة إلَّا الصلاة ، كما قرّر من أنّها حجزة عن الرين وما يوجب البعد ، ووصلة بين العبد والمولى ، يتوسّل إليه تعالى بالعبادة ، ويناجيه بقوله * ( « إِيَّاكَ نَعْبُدُ » ) * بتقديم ما يفيد الحصر ، ولعلّ قصده في التعبير بالمتكلَّم مع الغير هو : أنّه في صفّ سائر الموجودات العابدة له تعالى ، إذ اللَّه ربّ للعالمين الَّذين يعبدون ربّهم الواحد ، أو هو أنّه في صفّ سائر المصلَّين الراكعين الساجدين الَّذين أمرنا اللَّه تعالى بأن نكون معهم ، كما قال تعالى * ( « وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ » ) * [1] ، أو هو أنّه مع قلبه وسائر جوانحه وجوارحه بائتمامهم بإمامهم ، أي : العقل القاهر على ما عداه يعبدونه تعالى ؛ لأنّ المؤمن وحده جماعة ، كما تفطَّن له المجلسيّ الأوّل قدّس سرّه [2] . وعلى أيّ تقدير : يحتاج السالك في طيّ طريق العبادة الصالحة لأن توصل العبد إلى مولاه وتجعل معقولة مشهوده إلى الإعانة ، ولمّا انحصرت الربوبيّة في اللَّه