الفاتحة في أسرار مقدّمات الصلاة لعلَّك كنت مقروع السمع بالميز بين السرّ والحكمة والأدب ، حيث إنّ سرّ العبادة - كالصلاة - يرجع إلى ملكوتها وما فوقها ، وما يؤول إلى باطنها . وأمّا حكمتها : فهي الغاية المترتّبة عليها من العروج ، والنجاة عن الهلع و . وأمّا أدب العبادة - كالصلاة - فيرجع إلى وصف المصلَّي ، بأن يكون حاضر القلب ، خاشع القالب ، مستديم الذكر ، صائنا عن الالتفات إلى غير المعبود ، مع ماله من الأوصاف الظاهريّة المعهودة ، فأين ذلك من السرّ ؟ فبينهما فرقان . نعم ، لا ينال سرّ الصلاة إلَّا بحفظ الأدب ، فالآداب علل معدّة ، وأسباب ممدّة لنيل نبذ من إسرارها ، إذ النيل إلى الباطن لا يمكن إلَّا لمن طهر ضميره ، وصفا باطنه ، وسلم قلبه ، فكما أنّ ظاهر القرآن لا يمسّه إلَّا المتطهّر من الحدث ، وباطن القرآن لا يمسّه إلَّا المتطهّر من دنس الذنب كذلك ظاهر الصلاة لا يأتيه إلَّا المتوضّئ أو المغتسل ، وباطنها لا يأتيه إلَّا المتطهّر عن لوث النظر إلى غير المعبود الذي يصلَّى له ، للزوم التناسب بين الشاهد والمشهود ؛ لأنّ المحجوب والمضمور في نشأة لا يشاهد ما فوقها ، ولذا لا يشهد الحسّ ما يشاهده الخيال ، كما لا يشهد الخيال ما يشاهده العقل . وحيث امتاز سرّ الصلاة عن أدبها كامتياز سرّها عن حكمتها يلزم البحث عن خصوص إسرارها دون آدابها وإن تجشّم الغزاليّ ، ووافقه غير واحد من الأعلام نحو