بآية سورة « العلق » الَّتي هي من سور العزائم ، إذ فيها قد أمر بالسجدة والتقرّب معا [1] ، وللاهتمام بالسجود سمّي المصلَّى مسجدا ( إذا كان له عنوان خاصّ ) وجعل المسجد الذي سمّي بذلك لرعاية أهمّ أجزاء الصلاة مبدأ للإسراء ، حيث قال سبحانه * ( « سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِه ِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَه ُ » ) * [2] ، وهكذا جعل مبدأ للمعراج الذي ابتدئ من المسجد الأقصى وانتهى إلى * ( « ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى . فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى » ) * [3] ، كما أنّ أهمّ ما شوهد في المعراج وتمثّل هنالك هو نجوى العبد والمولى في كسوة الصلاة الَّتي صلَّاها العبد تجاه مولاه بأمره وإرشاده ، ومن ذلك صارت الصلاة معراجا للمصلَّي المناجي ربّه كما تقدّم . وممّا يرشد إلى الاهتمام بالسجود هو : أنّ اللَّه الذي يبصر كلّ شيء لا بجارحة وإن كان بصيرا بالإطلاق إلَّا أنّه تعالى يعتدّ بخصوص القيام للَّه تعالى والسجدة له ، حيث قال تعالى * ( « الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ . وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ » ) * [4] . ولا مرية في أنّ لذكر السجدة - كالقيام للَّه - خصوصية ، نحو : أنّ اللَّه الذي يرى كلّ شيء يصرّح برؤيته تعالى حالا خاصّا من أحوال العبد الَّتي تبعّده من مولاه ، قبال تلك الحالة الخاصّة الَّتي كانت تقرّبه منه تعالى ، حيث قال تعالى * ( « أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ ا للهَ يَرى » ) * [5] وذلك ترغيب إلى الحياء من اللَّه ، فوق ترهيبه من عقوبته تعالى بالنار . والغرض : أنّ أبصار اللَّه تعالى بدون جارحة يعمّ كلّ شيء ، إلَّا أنّ الاهتمام بأمر مرغوب فيه ، أو مرهوب عنه يوجب التصريح بأنّ اللَّه يراه ، ومن هذا القبيل هو تعرّض القيام للَّه مع القائمين ، والسجود له تعالى مع الساجدين ، حيث إنّ كلّ واحد منهما بخصوصه مرئيّ له تعالى حسبما دلَّت عليه الآية المارّة الذكر . وممّا ينبّه إلى الاعتداد بالسجود هو : أنّ اللَّه سبحانه لم يكرّم آدم - عليه السّلام -
[1] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 225 . [2] الإسراء : 1 . [3] النجم : 8 و 9 . [4] الشعراء : 218 و 219 . [5] العلق : 14 .