وهما متلازمان ؛ لأنّه لا يكون صلاة فيها ركوع إلَّا وفيها سجود [1] . وكما أنّ تأويل مدّ العنق هو الإيمان باللَّه ولو ضرب العنق فكذلك تأويل أصل الركوع هو ذاك ، حسبما ورد عن أمير المؤمنين عليه السّلام : ما معنى الركوع ؟ فقال عليه السّلام : « معناه : آمنت بك ولو ضربت عنقي » [2] ، ويلائمه الذكر الندبيّ الوارد فيه كما عن مولانا أبي جعفر عليه السّلام : « إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : اللَّه أكبر ، ثمّ أركع وقل : اللَّهمّ لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكَّلت ، وأنت ربّي ، خشع لك قلبي وسمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعصبي وعظامي وما أقلَّته قدماي ، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر ، سبحان ربّي العظيم وبحمده . » [3] . والفرق بين أصل الركوع ومدّ العنق فيه بعد أن كان تأويلهما المشترك هو الإعلام بالإيمان - ولو بلغ ما بلغ - هو التفاوت في الإعداد ، وتهيئة المبادي والمقدّمات ، وكما أنّ الركوع تخشّع للَّه تعالى كذلك رفع الرأس منه تواضع [4] له تعالى ، وانتصاب للامتثال حسبما مرّ ، وللاهتمام بالركوع والسجود في الصلاة . قال إسحاق بن عمّار : سمعت أبا عبد اللَّه - عليه السّلام - يعظ أهله ونساءه وهو يقول لهنّ : « لا تقلن في ركوعكنّ وسجود كنّ أقلّ من ثلاث تسبيحات ، فإنّكنّ إن فعلتنّ لم يكن أحسن عملا منكنّ » [5] . والميز بين الركوع والسجود بعد أن كان سرّهما المشترك هو التذلَّل في فناء المعبود والخضوع له هو : أنّ السجود لكونه أخفض تمثّل لما هو أقرب إلى اللَّه سبحانه ؛ لأنّ العبد كلَّما تقرّب بالتواضع كان وصوله أكثر ، ولذا ورد في غير واحد من النصوص أنّه : « أقرب ما يكون العبد من اللَّه - عزّ وجلّ - وهو ساجد مستشهدا
[1] جامع أحاديث الشيعة : ج 5 ص 195 . [2] المصدر نفسه : ص 199 . [3] المصدر نفسه : ص 196 . [4] المصدر نفسه : ص 223 . [5] المصدر نفسه : ص 209 .