سرّه - لكان لمقالة وجه وجيه ، ولكنّه - رحمه اللَّه - نقل أوّلا قول صدر المتألَّهين رحمه اللَّه ، ثمّ أتى بما نقل ، ولقد أجاد - قدّس سرّه - في تعليقته على شرح المولى الصالح للأصول من الكافي ، حيث فصل بين التعمّق المذموم والممدوح ، وقال رحمه اللَّه : وأمّا المذموم فالتعمّق فيما لا تصل إليه العقول من الكلام في الذات وتشبيهه تعالى بالأجسام . وأمّا الممدوح فالتفكَّر في عظمته وقدرته وحكمته وما يصل إليه العقول من صفاته [1] . كما أنّه أجاد الشارح - أي : المولى الصالح - في شرحه فراجع . وبالجملة : أنّ سورة التوحيد وأوائل الحديد لاشتمالهما على الضابط الإلهيّ المصون عن أيّة مغالطة تكون ذريعة لنيل أسرار الصلاة وشهودها ؛ لأنّ المعرفة الحصوليّة بذر المشاهدة الحضورية كما قيل . ولا مساغ لأحد أن يخالف ما في هاتين السورتين ، أو يختلف عنه ، أو يخلَّفه ، إذ المخالف له مناقض للقرآن الذي لا ريب فيه ، فالمخالف يتردّد في ريبة ، إذ مخالف ما لا ريب فيه مريب ، وأمّا المختلف معه المتخلَّف عنه فهو قاصر مفرّط . ومن المعلوم أنّ المتأخّر عن الحقّ زاهق ، والمتقدّم عليه المخلَّف له - أي : الذي يجعل نفسه إمام القرآن وأمامه ، ويجعل القرآن خلفه - فهو متعدّ مفرط . ومن الواضح أنّ المتقدّم على الحقّ مارق ، ومن سار على ما تهديه السورتان وسلك سبيلهما كاد أن يصل إلى سرّهما الذي هو الموجود العينيّ المتجلَّي بصورة السورة ، والمكتسي بكسوتها ؛ لأنّ اللازم للحقّ لا حق . وليعلم : أنّ في بعض نصوص المعراج : أنّه قد أوحى اللَّه تعالى إلى رسوله - صلَّى اللَّه عليه وآله - الذي عرج به - في قراءة الركعة الأولى : اقرأ يا محمّد نسبة ربّك تعالى * ( « قُلْ هُوَ ا للهُ أَحَدٌ ا للهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَه ُ كُفُواً أَحَدٌ » ) * ، وفي قراءة الركعة الثانية : اقرأ « إنّا أنزلناه » فإنّها نسبتك ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة . والذي يستفاد من هذا التعبير هو : أنّ نسبة كلّ موجود وما ينتمي هو به إنّما هو
[1] شرح المولى الصالح المازندراني - رحمه اللَّه - للأصول من الكافي : ج 3 ص 190 .