نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 83
بذلك ، والى بعض اسرار وضعه ، والحرام : إمّا بمعنى المحرّم كقوله تعالى : * ( ( عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ) ) * فانّ العرب كانت تحرّم فيه ما تستحلّ في غيره من القتل ، والقتال ، وامّا بمعنى الحرم كزمان وزمن ، لكونه آمنا لمن دخله ومانعا له ، ووجه شبه ورود الناس له بورود الانعام ازدحامهم عليه ومحبّتهم له كازدحام الابل العطاش على الماء . وقوله : ويألهون اليه ، أى يشتدّ وجدهم به في كل عام ، ويشتاقون الى وروده كما يشتاق الحمام الساكن به اليه عند خروجه ، ومنه قوله : جعله الى قوله : لعزّته ، وذلك انّ العقل لمّا لم يكن ليهتدى الى اسرار اعمال الحجّ لم يكن الباعث عليها في اكثر الخلق الَّا الامر المجرّد ، وقصد امتثاله من حيث هو واجب الاتبّاع فقط وفيه كمال الرقّ وخلوص الانقياد للَّه ، فمن فعل ما أمر به من اعمال الحج كذلك فهو المخلص الذى ظهرت عليه علامات المخلص المتواضع المذعن لجلال اللَّه ربّ العالمين . ولمّا كان تعالى عالم الغيب والشهادة لم يمكن أن يقال انّ تلك العلامة مما يستفيد بها علما بأحوال عبيده من طاعتهم ومعصيتهم ، فهى علامة لغيرهم من الناس ، وقوله : واختار ، الى قوله : دعوته ، فالسمّاع : جمع سامع وهم الحاجّ [1] في قوله تعالى : * ( ( وأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ ) ) * وفي الخبر انّ ابراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء البيت جاءه جبريل عليه السلام فأمره أن يؤذّن في الناس بالحجّ ، فقال ابراهيم : وما يبلغ صوتى ، قال اللَّه : اذّن وعليّ البلاغ ، فعلا ابراهيم المقام ، واشرف به ، حتى صار كاطول الجبال ، واقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا ونادى يا ايّها الناس كتب عليكم الحجّ الى البيت العتيق فاجيبوا ربّكم ، فأجابه من كان في اصلاب الرجال ، وارحام النساء : لبّيك اللَّهم لبّيك . . . وفيه اشارات لطيفة نبّهنا عليها في الأصل [2] . منها انّ اجابة من كان في الأصلاب والأرحام اشارة الى ما كتب بقلم القضاء فى اللوح المحفوظ من طاعة المطيع لهذه الدعوة على لسان ابراهيم عليه السلام ، ومن بعده من الانبياء وهم المراد بالسماع الذين اجابوا دعوته لحجّهم وصدّقوا ما بلَّغه عن ربّه تعالى ، وفي قوله : وقفوا مواقف انبيائه ، وشبّهوا بملائكته المطيفين بعرشه ، استدراج حسن للطباع
[1] في نسخة ش : الحجاج [2] شرح نهج البلاغة الكبير 1 - 233 .
83
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 83