فأعجب إبليس بنفسه وتداخله الكبر ، واطَّلع اللَّه تعالى على ذلك فقال له ولجنده : « انّى خالق بشرا من طين » الآية .وقيل : هم كل الملائكة لقوله تعالى : * ( ( كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ) ) * ، وكذلك اختلفوا في ابليس فقالت المعتزلة : انّه لم يكن من الملائكة لقوله تعالى : * ( ( كانَ مِنَ الْجِنِّ ) ) * وهم ليسوا من الملائكة لقوله تعالى : * ( ( ويَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ ) ) * ، وقول الملائكة : * ( ( بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ ) ) * .وأقول : يشبه ان يكون الخلاف لفظيا لانّه اذا ثبت انّ الجنّ ملائكة اهبطوا الى الأرض لم يكن بين كونه من الجنّ ، وكونه من الملائكة منافاة ، وامّا الخطاب والجواب فجاز ان يكون مع الملائكة السماويّة .وقوله : الَّا ابليس وقبيله ، الى قوله : الصلصال ، فقبيله : جماعته من الجنّ والشياطين ، واعترتهم الحميّة وغشيتهم ، وذلك من قوله تعالى : * ( ( وإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا ) ) * الآية ، وتعزّزهم بخلقة النار قوله : * ( ( قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ ) ) * واستضعافهم لخلق الصلصال ، كقوله : * ( ( قالَ لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ ) ) * واعطاؤه النظرة هو قوله تعالى : * ( ( قالَ إِنَّكَ مِنَ ) ) * ، والنظرة بكسر الظاء : الامهال ، وهنا حذف تقديره ، فسأل النظرة فأعطاه ذلك في قوله : * ( ( قالَ أَنْظِرْنِي ) ) * الآية ، وقوله : استحقاقا للسخطة اشارة الى قوله تعالى : * ( ( ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ ) ) * الآية ، وانجاز العدّة كقوله تعالى : * ( ( قالَ إِنَّكَ مِنَ ) ) * الآية . والخلف في خبر اللَّه تعالى محال . واستتماما للبليّة اى : بليّة بنى آدم به واختبارهم بعصيانه او طاعته . واسكان آدم ، الى قوله : محلَّته ، كقوله تعالى : * ( ( وقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ ) ) * الى قوله : * ( ( شِئْتُما ) ) * . والدار : الجنّة . وتحذيره ايّاه كقوله تعالى : * ( ( فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ ) ) * الى قوله : * ( ( فَتَشْقى ) ) * وقوله : فاغترّه ، الى قوله : الأبرار كقوله تعالى : * ( ( فَوَسْوَسَ إِلَيْه ) ) * الآية ، والوسوسة : القاء ما يتوهّم نافعا الى النفس مما يخالف او امر اللَّه تعالى ، وتزيينه لها ذلك ، وقيل : فى سبب عداوته له انّه الحسد بما اكرمه اللَّه تعالى به من اسجاد الملائكة له ، وتعليمه ما لم يطَّلعوا عليه واسكانه الجنّة ، وهو المشار اليه بالنفاسة هنا ، واصل النفاسة : البخل ، يقال : نفست عليه بكذا اى : بخلت ، وقيل : السبب تباين اصليهما ولذلك اثر قوىّ في العداوة والمجانبة ، وبيعه اليقين بشكه ،