responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 71

إسم الكتاب : اختيار مصباح السالكين ( عدد الصفحات : 686)


ثمّ جمع سبحانه من حزن الأرض وسهلها ، وعذبها وسبخها ، تربة سنّها بالماء حتّى خلصت . ولاطها بالبلَّة حتّى لزبت . فجبل منها صورة ذات أحناء ووصول ، وأعضاء وفصول : أجمدها حتّى استمسكت وأصلدها حتّى صلصلت لوقت معدود ، وأمد معلوم ، ثمّ نفخ فيها من روحه فمثلت إنسانا ذا أذهان يجيلها ، وفكر يتصرّف بها ، وجوارح يختدمها ، وأدوات يقلَّبها ، ومعرفة يفرق بها بين الحقّ والباطل والأذواق والمشامّ ، والألوان والاجناس ، معجونا بطينة الألوان المختلفة ، والأشباه المؤتلفة ، والأضداد المتعادية والأخلاط المتباينة ، من الحرّ والبرد ، والبلَّة والجمود ، واستأدى اللَّه سبحانه الملائكة وديعته لديهم ، وعهد وصيّته إليهم ، فى الإذعان بالسّجود له ، والخشوع لتكرمته ، فقال سبحانه : * ( ( اسْجُدُوا لِآدَمَ ) ) * فسجدوا إلَّا ابليس اعترته الحميّة وغلبت عليه الشّقوة ، وتعزّز بخلقة النّار واستهون خلق الصّلصال ، فأعطاه اللَّه النّظرة استحقاقا للسّخطة ، واستتماما للبلَّية ، وإنجازا للعدة ، فقال * ( ( قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ ) ) * ثمّ أسكن سبحانه آدم دارا أرغد فيها عيشته ، وآمن فيها محلَّته ، وحذّره إبليس وعداوته ، فاغترّه عدوّه نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة الأبرار ، فباع اليقين بشكَّه ، والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجذل وجلا ، وبالاغترار ندما ثمّ بسط اللَّه سبحانه له في توبته ، ولقّاه كلمة رحمته ، ووعده المردّ إلى جنّته ، وأهبطه إلى دار البليّة ، وتناسل الذّرّيّة .
أقول : إنّ هذه القصّة قد كرّرها اللَّه سبحانه ، فى كتابه العزيز في سبع سور ، وهى : البقرة ، والأعراف ، والحجر ، وبني اسرائيل ، والكهف ، وطه ، وص ، وذلك لما تشتمل عليه من تذكير الخلق وتنبيههم من مراقد الطبيعة التي جذبهم اليها ابليس ، والتحذير من فتنته ، وحزن الأرض : خلاف السهل ، والمسنون ما سنّ بالماء أى : ارسل عليه فصار طينا ، ولزبت بالكسر : لصقت ، وصلصلت : انتنت ، وقيل صوّتت ليبسها ، ولاطها بالبلَّة : خلطها بالرطوبة ، وجبل : خلق ، والأحناء : الجوانب ، والوصول المفاصل : جمع كثرة لوصل ، وجمع القلَّة : اوصال ، وأصلدها اى : جعلها صلبة ملساء ، ويختدمها : يستخدمها .
واعلم انّ قوله : لزبت ، اشارة الى امتزاج العناصر ، وخصّ الماء والأرض لانّهما

71

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 71
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست