نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 63
بالمبصرات ، واطلاق لفظ البصير عليه مجاز اطلاقا لاسم المسبب على السبب ، واشار باذ : الى اعتبار الازل فانّه اذن لا مخلوق لما ثبت انّ العالم حادث . الثالث والعشرون ، كونه متوحّدا ، الى قوله : لفقده ، وهو وصف بتفرّده بالوحدانية لذاته ازلا ، اذ المتوحّد المطلق من له الوحدانية لذاته ، واشار باذ : لاعتبار الازل ايضا . ولما ثبت انّ العالم حادث ثبت انّه لا سكن في الازل يقارنه ، ولانّه ليس من شأنه ان يكون له أنيس ينفرد عنه ويستوحش لفقده ، اذ الاستيناس والتوحّش يتعلَّقان بميل الطبع ونفرته التابعة للمزاج ، وقد تنزّه تعالى عن ذلك فهو المتفرّد بالوحدانية المطلقة لا بالقياس الى شيء . الفصل الثاني ، فى نسبة ايجاد العالم الى قدرته تعالى جملة وتفصيلا والاشارة الى كيفية ذلك في معرض مدحه تعالى وذلك قوله : أنشأ الخلق انشاء ، وابتدأه ابتداء ، بلا رويّة أجالها ، ولا تجربة استفادها ولا حركة أحدثها ، ولا همامة نفس اضطرب فيها . أجال الأشياء لأوقاتها ولاءم بين مختلفاتها ، وغرّز غرائزها ، وألزمها أشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها وانتهائها عارفا بقرائنها وأحنائها . ثمّ أنشأ سبحانه فتق الأجواء وشقّ الأرجاء ، وسكائك الهواء فأجرى فيها ماء متلاطما تيّاره ، متراكما زخّاره . حمله على متن الرّيح العاصفة ، والزّعزع القاصفة فأمرها بردّه وسلَّطها على شدّه ، وقرنها إلى حدّه الهواء من تحتها فتيق والماء من فوقها دفيق ثمّ أنشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبّها وأدام مربّها ، وأعصف مجراها ، وأبعد منشأها ، فأمرها بتصفيق الماء الزّخّار ، واثارة موج البحار ، فمخضته مخض السّقاء ، وعصفت به عصفها بالفضاء . تردّ أوّله إلى آخره ، وساجيه إلى مائره حتّى عبّ عبابه . ورمى بالزّبد ركامه ، فرفعه في هواء منفتق وجوّ منفهق ، فسوّى منه سبع سموات ، جعل سفلاهنّ موجا مكفوفا وعليا هنّ سقفا محفوظا ، وسمكا مرفوعا ، بغير عمد يدعمها ، ولا دسار ينظمها ثمّ زيّنها بزينة الكواكب ، وضياء الثّواقب ، وأجرى فيها سراجا مستطيرا وقمرا منيرا : فى فلك دائر ، وسقف سائر ، ورقيم مائر . ثمّ فتق ما بين السّموات العلا ، فملأهنّ أطوارا من ملائكته ، منهم سجود لا يركعون ، وركوع لا ينتصبون ، وصافّون لا يتزايلون ، ومسبّحون لا يسأمون .
63
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 63