responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 495


فى دنياهم ، ولم يشاركهم أهل الدّنيا فى آخرتهم : سكنوا الدّنيا بأفضل ما سكنت ، وأكلوها بأفضل ما أكلت ، فحظوا من الدّنيا بما حظى به المترفون ، وأخذوا منها ما أخذه الجبابرة المتكبّرون ، ثمّ انقلبوا عنها بالزّاد المبلَّغ ، والمتجر الرّابح : أصابوا لذّة زهد الدّنيا فى دنياهم ، وتيقّنوا أنّهم جيران اللَّه غدا فى آخرتهم ، لا تردّ لهم دعوة ، ولا ينقص لهم نصيب من لذّة ، فاحذروا عباد اللَّه الموت وقربه ، وأعدّوا له عدّته ، فإنّه يأتي بأمر عظيم ، وخطب جليل : بخير لا يكون معه شرّ أبدا ، أو شرّ لا يكون معه خير أبدا فمن أقرب إلى الجنّة من عاملها ، ومن أقرب إلى النّار من عاملها وأنتم طرداء الموت : إن أقمتم له أخذكم ، وإن فررتم منه أدرككم ، وهو ألزم لكم من ظلَّكم الموت معقود بنواصيكم ، والدّنيا تطوى من خلفكم ، فاحذروا نارا قعرها بعيد ، وحرّها شديد ، وعذابها جديد : دار ليس فيها رحمة ، ولا تسمع فيها دعوة ، ولا تفرّج فيها كربة ، وإن استطعتم أن يشتدّ خوفكم من اللَّه ، وأن يحسن ظنّكم به ، فاجمعوا بينهما ، فإنّ العبد إنّما يكون حسن ظنّه بربّه على قدر خوفه من ربّه ، وإنّ أحسن النّاس ظنّا باللَّه أشدّهم خوفا للَّه .
واعلم ، يا محمّد بن أبى بكر ، أنّى قد ولَّيتك أعظم أجنادى فى نفسى : أهل مصر ، فأنت محقوق أن تخالف على نفسك ، وأن تنافح عن دينك ، ولو لم يكن لك إلَّا ساعة من الدّهر ، ولا تسخط اللَّه برضا أحد من خلقه ، فإنّ فى اللَّه خلفا من غيره ، وليس من اللَّه خلف فى غيره .
صلّ الصّلاة لوقتها المؤقّت لها ، ولا تعجّل وقتها لفراغ ، ولا تؤخّرها عن وقتها لاشتغال ، واعلم أنّ كلّ شيء من عملك تبع لصلاتك .
اقول : خفض الجناح : كناية عن التواضع ، وبسط الوجه : كناية عن البشاشة والطلاقة ، والضمير فى عليهم للضعفاء وقيل : للعظماء . وقوله : ذهبوا ، الى قوله : الآخرة اى : حصلوا على ذلك . وقوله : بأفضل ما سكنت وبافضل ما اكلت : اى : استعملوها على الوجه الذى ينبغي لهم ، والذى امروا باستعمالها عليه وذلك هو أفضل الوجوه . والزاد المبلغ : وهو التقوى واستعار لها لفظ المتجر . وعامل الجنة : العامل لها . واستعار وصف الطىّ لتقضى احوال الدنيا وايامها التي يقطعها الانسان وعذابها جديد كقوله تعالى :

495

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 495
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست