نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 473
أما إنّك لو كنت أتيتنى عند شرائك ما اشتريت لكتبت لك كتابا على هذه النّسخة ، فلم ترغب فى شراء هذه الدّار بدرهم فما فوق ، والنّسخة هذه . بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيم هذا ما اشترى عبد ذليل ، من عبد قد أزعج للرّحيل ، اشترى منه دارا من دار الغرور من جانب الفانين ، وخطَّة الهالكين ، وتجمع هذه الدّار حدود أربعة : الحدّ الأوّل : ينتهى إلى دواعى الآفات ، والحدّ الثّانى ينتهى إلى دواعى المصيبات ، والحدّ الثّالث ينتهى إلى الهوى المردى ، والحدّ الرّابع ينتهى إلى الشّيطان المغوى ، وفيه يشرع باب هذه الدّار اشترى هذا المغترّ بالأمل ، من هذا المزعج بالأجل ، هذه الدّار بالخروج من عزّ القناعة ، والدّخول فى ذلّ الطَّلب والضّراعة ، فما أدرك هذا المشترى فيما اشترى منه من درك فعلى مبلبل أجسام الملوك ، وسالب نفوس الجبابرة ، ومزيل ملك الفراعنة ، مثل كسرى وقيصر ، وتبّع وحمير ، ومن جمع المال على المال فأكثر ، ومن بنى وشيّد ، وزخرف ونجّد ، وادّخر واعتقد ، ونظر بزعمه للولد ، إشخاصهم جميعا إلى موقف العرض والحساب ، وموضع الثّواب والعقاب ، إذا وقع الأمر بفصل القضاء * ( ( وخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ ) ) * [1] شهد على ذلك العقل إذا خرج من أسر الهوى ، وسلم من علائق الدّنيا أقول : الشاخص : الداخل واراد بمن يأتيه ملك الموت . وحاصل الكتاب التنفير عن الدنيا . والركون الى فضولها ، وفيه نكت : احداها ، وصف المشترى بالعبوديّة والذلَّة كسرا لما يعرض فى نفسه ، من العجب والفخر بشراء هذه الدار ، وصفة البايع بالميّت ، تنزيلا لما بالقوة مكان ما بالفعل مجازا للتحذير . الثانية ، انّ قوله من جانب الفانين الى قوله : الهالكين ، ابتداء فى التعيين بالأعم وانتهاء بالأخص ، كما جرت العادة به فى كتب البيع . والخطَّة بالكسر : البقعة يختطها