نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 451
إسم الكتاب : اختيار مصباح السالكين ( عدد الصفحات : 686)
الشّيطان ، الَّتى خدع بها الأمم الماضية ، والقرون الخالية ، حتّى أعنقوا فى حنادس جهالته ومهاوى ضلالته ، ذللا على سياقه سلسا فى قياده ، أمرا تشابهت القلوب فيه ، وتتابعت القرون عليه ، وكبرا تضايقت الصّدور به ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم الَّذين تكبّروا عن حسبهم ، وترفّعوا فوق نسبهم ، وألقوا الهجينة على ربّهم ، وجاحدوا اللَّه على ما صنع بهم ، مكابرة لقضائه ، ومغالبة لآلائه فإنّهم قواعد أساس العصبيّة ، ودعائم أركان الفتنة ، وسيوف اعتزاء الجاهليّة ، فاتّقوا اللَّه ولا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا ، ولا لفضله عندكم حسّادا ولا تطيعوا الأدعياء الَّذين شربتم بصفوكم كدرهم ، وخلطتم بصحّتكم مرضهم ، وأدخلتم فى حقّكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق ، وأحلاس العقوق ، اتّخذهم إبليس مطايا ضلال ، وجندا بهم يصول على النّاس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم ، ودخولا فى عيونكم ، ونفثا فى أسماعكم ، فجعلكم مرمى نبله ، وموطىء قدمه ، ومأخذ يده . اقول : القصع : ابتلاع الماء والجرّة . وقصعه قصعا : صغرّه وحقرّه . وقيل : فى معنى تسميتها بذلك : انّه عليه السلام خطب بها اهل الكوفة على ناقة وهى تقصع بجرّتها فسمّيت خطبة القاصعة . وقيل : بل لانّ فيها قصع إبليس وتحقيره . واعلم انّ مدار هذه الخطبة على النّهى عن الكبر ، والفخر ، وما يلزمه من التفرقة والفتنة ووصف الابليس : مستعار لوصفه تعالى بالعزّ والكبرياء ، واختياره تعالى لهما يعود الى استحقاقه لهما بالذات اذ الممكن لا يليق به التغرّر والتكبّر من حيث هو ممكن محتاج ، وخلقه من نور خلقه شفافا او خلقه مجرّدا عن علائق المواد ، اى : لو اراد خلقه كذلك لكان مقدورا له : فلم يخلقه من طين ظلمانى كثيف . والخيلاء : الكبر ، وقد اشرنا في الخطبة الاولى الى قصة آدم وهي واضحة هنا . والاحباط : الابطال . وجهده : اجتهاده . وقد صرّح عليه السلام : انّ ابليس كان من الملائكة . وقد اشرنا فى الخطبة الاولى الى وجه الجمع بين ذلك وبين قوله تعالى : * ( ( وإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا ) ) * [1] والهوادة : الصلح . وقوله فمن ذا الَّذى يسلم على اللَّه اى : يرجع اليه سالما . ومحل ان يعيدكم : نصب على البدل من عدوّ اللَّه . وخيله ورجله : كناية عن اعوانه الضّالين