responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 207


تجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ، وأعدّ القرى ليومه النّازل به ، فقرّب على نفسه البعيد ، وهوّن الشّديد : نظر فأبصر ، وذكر فاستكثر ، وارتوى من عذب فرات سهلت له موارده ، فشرب نهلا ، وسلك سبيلا جددا ، قد خلع سرابيل الشّهوات ، وتخلَّى من الهموم إلَّا همّا واحدا انفرد به ، فخرج من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الرّدى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، استمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشّمس : قد نصب نفسه للَّه - سبحانه - فى أرفع الأمور من إصدار كلّ وارد عليه ، وتصيير كلّ فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشّاف عشاوات ، مفتاح مبهمات ، دفّاع معضلات ، دليل فلوات ، يقول فيفهم ، ويسكت فيسلم : قد أخلص اللَّه فاستخلصه فهو من معادن دينه ، وأوتاد أرضه ، قد ألزم نفسه العدل ، فكان أوّل عدله نفى الهوى عن نفسه ، يصف الحقّ ويعمل به ، لا يدع للخير غاية إلَّا أمّها ، ولا مظنّة إلَّا قصدها ، قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه ، يحلّ حيث حلّ ثقله ، وينزل حيث كان منزله .
أقول : اعانته على نفسه ، افادته تعالى لعقله قوّة قهر نفسه الامّارة بالسوء ، واتّخاذه الحزن شعارا اى : على معصية اللَّه . والخوف جلبابا اى : من عقابه ، ووصف الاستشعار والتجلَّب مستعاران . وزهر [1] مصباح الهدى في قلبه شروق نور المعارف الالهية في سرّه ، وهو : ثمرة الاستعداد ، والخوف والحزن ، واستعار لفظ المصباح : لنور المعرفة لاشتراكهما فى افادة الهدى . ولفظ القرى : للاعمال الصالحة التي تعدّ ثمراتها ليوم موته ، وما بعده ملاحظة لشبهها بما يعدّ من الضيافة للقادم ، وتقرّبه على نفسه البعيد تقصيره لأمله الطويل فى الدنيا ، بذكر الموت او تقرّبه لما بعد من احوال الآخرة بدوام اخطارها بباله ، حتى كانّها حاضرة له . وتهوينه الشديد : تسهيل شدائد الدنيا على خاطره ، واستحقاره في جنب ما يتصوّره من الفرجة بلقاء اللَّه ، ووعده ووعيده ، او تسهيله لشدائد الآخرة وتهوينها بالأعمال الصالحة . ونظر اى : فكَّر في ملكوت السموات والارض ، فأبصر اى : الحق سبحانه في عجائب خلقه ، يعنى : بصيرته . وذكر ربّه ومعاده ، فاستكثر من الاعمال



[1] في ش : زهور .

207

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست