responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 199


ومنها فى صفة خلق الانسان : أم هذا الَّذى أنشأه فى ظلمات الأرحام ، وشغف الأستار ، نطفة دهاقا وعلقة محاقا ، وجنينا وراضعا ، ووليدا ويافعا ، ثمّ منحه قلبا حافظا ، ولسانا لافظا ، وبصرا لاحظا ليفهم معتبرا ، ويقصّر مزدجرا ، حتّى اذا قام اعتداله ، واستوى مثاله ، نفر مستكبرا ، وخبط سادرا ، ماتحا فى غرب هواه ، كادحا سعيا لدنياه ، فى لذّات طربه ، وبدوات أربه ، لا يحتسب رزيّة ولا يخشع تقيّة ، فمات فى فتنته غريرا ، وعاش فى هفوته يسيرا ، لم يفد عوضا ، ولم يقض مفترضا ، دهمته ، فجعات المنيّة فى غبّر جماحه ، وسنن مراحه ، فظلّ سادرا ، وبات ساهرا ، فى غمرات الآلام ، وطوارق الأوجاع والأسقام بين أخ شقيق ، ووالد شفيق ، وداعية بالويل جزعا ، ولا دمة للصّدر قلقا والمرء فى سكرة ملهية ، وغمرة كارثة ، وأنّة موجعة ، وجذبة مكربة ، وسوقة متعبة . ثم أدرج فى أكفانه مبلسا ، وجذب منقادا سلسا ، ثمّ ألقى على الأعواد رجيع وصب ، ونضو سقم ، تحمله حفدة الولدان ، وحشدة الإخوان ، إلى دار غربته ، ومنقطع زورته ، حتّى اذا انصرف المشيّع ، ورجع المتفجّع ، أقعد فى حفرته نجيّا لبهتة السّئوال ، وعثرة الامتحان ، وأعظم ما هنالك بليّة نزول الحميم ، وتصلية الجحيم ، وفورات السّعير ، وسورات الزّفير ، لا فترة مريحة . ولادعة مزيحة ، ولا قوّة حاجزة ، ولا موتة ناجزة ، ولا سنة مسلية ، بين أطوار الموتات ، وعذاب السّاعات انّا باللَّه عائذون . عباد اللَّه ، أين الَّذين عمّروا فنعموا ، وعلَّموا ففهموا ، وأنظروا فلهوا ، وسلموا فنسوا أمهلوا طويلا ، ومنحوا جميلا ، وحذّروا أليما ، ووعدوا جسيما احذروا الذّنوب المورّطة ، والعيوب المسخطة . أولى الأبصار والأسماع ، والعافية والمتاع هل من مناص ، أو خلاص ، أو معاذ ، أو ملاذ ، أو فرار ، أو محار أم لا فأنّى توفكون أم أين تصرفون أم بماذا تغترّون وإنّما حظَّ أحدكم من الأرض ذات الطَّول والعرض قيد قدّه ، متعفّرا على خدّه . الآن عباد اللَّه والخناق مهمل ، والرّوح مرسل ، فى فينة الإرشاد ، وراحة الأجساد ، وباحة الاحتشاد ، ومهل البقيّة ، وأنف المشيّة ، وإنظار التّوبة ، وانفساح الحوبة ، قبل الضّنك والمضيق ، والرّوع والزّهوق ، وقبل قدوم الغائب المنتظر ، وأخذة العزيز المفتدر .

199

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 199
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست