responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 198


ومستفسح خناقهم أرهقتهم المنايا دون الآمال ، وشذّبهم عنها تخرّم الآجال ، لم يمهدوا فى سلامة الأبدان ولم يعتبروا فى أنف الأوان ، فهل ينتظر أهل بضاضة الشّباب الَّا حواني الهرم وأهل غضارة الصّحّة الَّا نوازل السّقم وأهل مدّة البقاء الَّا آونة الفناء مع قرب الزّيال ، وأزوف الانتقال ، وعلز القلق ، وألم المضض ، وغصص الجرض ، وتلفّت الاستغاثة بنصرة الحفدة والأقرباء والأعزّة والقرناء ، فهل دفعت الأقارب ، أو نفعت النّواحب ، وقد غودر فى محلَّة الأموات رهينا ، وفى ضيق المضجع وحيدا ، قد هتكت الهوامّ جلدته وأبلت النّواهك جدّته ، وعفت العواصف آثاره ، ومحا الحدثان معالمه وصارت الأجساد شحبة بعد بضّتها ، والعظام نخرة بعد قوّتها ، والأرواح مرتهنة بثقل أعبائها ، موقنة بغيب أنبائها ، لا تستزاد من صالح عملها ، ولا تستعتب من سيّئ زللها أو لستم أبناء القوم والآباء واخوانهم والأقرباء تحتذون أمثلتهم ، وتركبون قدّتهم ، وتطئون جادّتهم فالقلوب قاسية عن حظَّها لاهية عن رشدها سالكة فى غير مضمارها كأنّ المعنىّ سواها وكأنّ الرّشد فى احراز دنياها .
واعلموا أنّ مجازكم على الصّراط ، ومزالق دحضه ، وأهاويل زلله وتارات أهواله ، فاتّقوا اللَّه تقيّة ذى لبّ شغل التّفكر قلبه ، وأنصب الخوف بدنه وأسهر التّهجّد غرار نومه ، وأظمأ الرّجاء هواجر يومه ، وظلف الزّهد شهواته ، وأرجف الذّكر بلسانه ، وقدّم الخوف لابّانه ، وتنكَّب المخالج عن وضح السّبيل ، وسلك أقصد المسالك الى النّهج المطلوب ، ولم تفتله فاتلات الغرور ولم تعم عليه مشتبهات الأمور ، ظافرا بفرحة البشرى ، وراحة النّعمى فى أنعم نومه ، وآمن يومه ، قد عبر معبر العاجلة حميدا وقدّم زاد الآجلة سعيدا ، وبادر من وجل ، وأكمش فى مهل ، ورغب فى طلب ، وذهب عن هرب ، وراقب فى يومه غده ، ونظر قدما أمامه فكفى بالجنّة ثوابا ونوالا ، وكفى بالنّار عقابا ووبالا وكفى باللَّه منتقما ونصيرا وكفى بالكتاب حجيجا وخصيما أوصيكم بتقوى اللَّه الَّذى أعذر بما أنذر واحتجّ بما نهج وحذّركم عدوّا نفذ فى الصّدور خفيّا ، ونفث فى الآذان نجيّا فأضلّ وأردى ، ووعد فمنّى ، وزيّن سيّئات الجرائم ، وهوّن موبقات العظائم حتّى اذا استدرج قرينته ، واستغلق رهينته ، أنكر مازيّن ، واستعظم ما هوّن ، وحذّر ما أمّن .

198

نام کتاب : اختيار مصباح السالكين نویسنده : ابن ميثم البحراني    جلد : 1  صفحه : 198
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست