responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 86


وقد قال علي رضى الله عنه : إن من حق العالم أن لا تكثر عليه بالسؤال ، ولا تعنته في الجواب ، ولا تلج عليه إذا كسل ، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض ، ولا تفشي له سرا ، ولا تغتابن أحدا عنده ، ولا تصلبن عثرته ، وإن زل قبلت معذرته ، وعليك أن توقره وتعظمه لله تعالى ما دام يحفظ أمر الله تعالى ، ولا تجلس أمامه ، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته الوظيفة الرابعة - أن يحترز الخائض في العلم في مبدأ الأمر عن الإصغاء إلى اختلاف الناس ، سواء كان ما خاض فيه من علوم الدنيا أو علوم الآخرة ، فان ذلك يدهش عقله ويحير ذهنه ، ويفتر رأيه ويؤيسه عن الإدراك والاطلاع ، بل ينبغي أن يتقن أولا الطريق الحميدة الواحدة المرضية عند أستاذه ، ثم بعد ذلك يصغى إلى المذاهب والشبه ، وإن لم يكن أستاذه مستقلا باختيار رأى واحد وإنما عادته نقل المذاهب وما قيل فيها ، فليحذر منه ، فان إضلاله أكثر من إرشاده ، فلا يصلح الأعمى لقود العميان وإرشادهم ، ومن هذا حاله يعد في عمى الحيرة وتيه الجهل . ومنع المبتدئ عن الشبه يضاهي منع الحديث العهد بالإسلام عن مخالطة الكفار ، وندب القوى إلى النظر في الاختلافات يضاهي حث القوى على مخالطة الكفار .
ولهذا يمنع الجبان عن التهجم على صف الكفار ، ويندب الشجاع له . ومن الغفلة عن هذه الدقيقة ظن بعض الضعفاء أن الاقتداء بالأقوياء فيما ينقل عنهم من المساهلات جائز ، ولم يدر أن وظائف الأقوياء تخالف وظائف الضعفاء . وفي ذلك قال بعضهم : من رآني في البداية صار صديقا ، ومن رآني في النهاية صار زنديقا ، إذ النهاية ترد الأعمال إلى الباطن ، وتسكن الجوارح إلا عن رواتب الفرائض ، فيتراءى للناظرين أنها بطالة وكسل وإهمال ، وهيهات . فذلك مرابطة القلب في عين الشهود والحضور ، وملازمة الذكر الذي هو أفضل الأعمال على الدوام .
وتشبه الضعيف بالقوي فيما يرى من ظاهره أنه هفوة يضاهي اعتذار من يلقى نجاسة يسيرة في كوز ماء ، ويتعلل بأن أضعاف هذه النجاسة قد يلقى في البحر والبحر أعظم من الكوز ، فما جاز للبحر فهو للكوز أجوز . ولا يدرى المسكين أن البحر بقوته يحيل النجاسة ماء فتنقلب عين النجاسة باستيلائه إلى صفته ، والقليل من النجاسة يغلب على الكوز ويحيله إلى صفته . ولمثل هذا جوز للنبي صلَّى الله عليه وسلم ما لم يجوّز لغيره [ 1 ] « حتّى أبيح له تسع نسوة »

86

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 86
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست