نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 84
إنما العلم الخشية لقوله تعالى : * ( إِنَّما يَخْشَى الله من عِبادِه الْعُلَماءُ ) * . وكأنه أشار إلى أخص ثمرات العلم . ولذلك قال بعض المحققين : معنى قولهم : تعلمنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله ، أن العلم أبي وامتنع علينا فلم تنكشف لنا حقيقته ، وإنما حصل لنا حديثه وألفاظه فان قلت : إنى أرى جماعة من العلماء الفقهاء المحققين برّزوا في الفروع والأصول ، وعدوا من جملة الفحول ، وأخلاقهم ذميمة لم يتطهروا منها . فيقال : إذا عرفت مراتب العلوم وعرفت علم الآخرة استبان لك أن ما اشتغلوا به قليل الغناء من حيث كونه علما ، وإنما غناؤه من حيث كونه عملا لله تعالى إذا قصد به التقرب إلى الله تعالى . وقد سبقت إلى هذا إشارة ، وسيأتيك فيه مزيد بيان وإيضاح ، إن شاء الله تعالى الوظيفة الثانية - أن يقلل علائقه من الاشتغال بالدنيا ، ويبعد عن الأهل والوطن ، فان العلائق شاغلة وصارفة ، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ، ومهما توزعت الفكرة قصرت عن درك الحقائق ، ولذلك قيل : العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك . فإذا أعطيته كلك فأنت من عطائه إياك بعضه على خطر . والفكرة المتوزعة على أمور متفرقة كجدول تفرق ماؤه فنشفت الأرض بعضه ، واختطف الهواء بعضه ، فلا يبقى منه ما يجتمع ويبلغ المزدرع الوظيفة الثالثة - أن لا يتكبر على العلم ولا يتأمر على المعلم ، بل يلقى إليه زمام أمره بالكلية في كل تفصيل ، ويذعن لنصيحته إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق . وينبغي أن يتواضع لمعلمه ويطلب الثواب والشرف بخدمته ، قال الشعبي : صلى زيد بن ثابت على جنازة فقربت إليه بغلته ليركبها ، فجاء ابن عباس [ 1 ] فأخذ بركابه ، فقال زيد : خلّ عنه يا ابن عم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ، فقال ابن عباس : هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء والكبراء ، فقبّل زيد بن ثابت يده وقال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا صلى الله عليه وسلم . وقال صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « ليس من أخلاق المؤمن التملَّق إلَّا في طلب العلم » . فلا ينبغي لطالب العلم أن يتكبر على المعلم ، ومن تكبره على المعلم أن يستنكف عن الاستفادة
84
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 84