responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 83


القلوب إنما تتولاها الملائكة الموكلون بها ، وهم المقدسون المطهرون المبرؤن من الصفات المذمومات ، فلا يلاحظون إلا طيبا ، ولا يعمرون بما عندهم من خزائن رحمة الله إلا طيبا طاهرا .
ولست أقول : المراد بلفظ البيت هو القلب ، وبالكلب هو الغضب والصفات المذمومة ، ولكني أقول : هو تنبيه عليه . وفرق بين تعبير الظواهر إلى البواطن وبين التنبيه للبواطن من ذكر الظواهر مع تقرير الظواهر . ففارق الباطنية بهذه الدقيقة ، فان هذه طريق الاعتبار ، وهو مسلك العلماء والأبرار ، إذ معنى الاعتبار أن يعبر ما ذكر إلى غيره فلا يقتصر عليه ، كما يرى العاقل مصيبة لغيره فيكون فيها له عبرة : بأن يعبر منها إلى التنبه لكونه أيضا عرضة للمصائب ، وكون الدنيا بصدد الانقلاب ، فعبوره من غيره إلى نفسه ومن نفسه إلى أصل الدنيا عبرة محمودة . فاعبر أنت أيضا من البيت الذي هو بناء الخلق ، الى القلب الذي هو بيت من بناء الله تعالى ، ومن الكلب الذي ذم لصفته لا لصورته وهو ما فيه من سبعية ونجاسة ، الى الروح الكلبية وهي السبعية واعلم أن القلب المشحون بالغضب والشره إلى الدنيا والتكلب عليها والحرص على التمزيق لأعراض الناس ، كلب في المعنى ، وقلب في الصورة ، فنور البصيرة يلاحظ المعاني لا الصور ، والصور في هذا العالم غالبة على المعاني ، والمعاني باطنة فيها ، وفي الآخرة تتبع الصور المعاني ، وتغلب المعاني ، فلذلك يحشر كل شخص على صورته المعنوية ، فيحشر المعزق [ 1 ] لأعراض الناس كلبا ضاريا ، والشره إلى أموالهم ذئبا عاديا ، والمتكبر عليهم في صورة نمر ، وطالب الرئاسة في صورة أسد . وقد وردت بذلك الأخبار ، وشهد به الاعتبار عند ذوي البصائر والأبصار فان قلت : كم من طالب رديء الأخلاق حصل العلوم . فهيهات ما أبعده عن العلم الحقيقي النافع في الآخرة الجالب للسعادة ! فان من أوائل ذلك العلم أن يظهر له أن المعاصي سموم قاتلة مهلكة . وهل رأيت من يتناول سما مع علمه بكونه سما قاتلا ؟ إنما الذي تسمعه من المترسمين حديث يلفقونه بألسنتهم مرة ، ويرددونه بقلوبهم أخرى ، وليس ذلك من العلم في شيء ، قال ابن مسعود رضى الله عنه : ليس العلم بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذف في القلب . وقال بعضهم :

83

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست