responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 78


ومنها تزكية النفس ، قال الله تعالى : * ( فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى ) * . وقيل لحكيم : ما الصدق القبيح ؟ فقال : ثناء المرء على نفسه . ولا يخلو المناظر من الثناء على نفسه بالقوة والغلبة ، والتقدم بالفضل على الأقران . ولا ينفك في أثناء المناظرة عن قوله : لست ممن يخفى عليه أمثال هذه الأمور ، وأنا المتفنن في العلوم ، والمستقل بالأصول وحفظ الأحاديث ، وغير ذلك مما يتمدح به تارة على سبيل الصلف ، وتارة للحاجة إلى ترويج كلامه . ومعلوم أن الصلف والتمدح مذمومان شرعا وعقلا .
ومنها التجسس وتتبع عورات الناس ، وقد قال تعالى : * ( ولا تَجَسَّسُوا ) * . والمناظر لا ينفك عن طلب عثرات أقرانه وتتبع عورات خصومه ، حتى إنه ليخبر بورود مناظر إلى بلده فيطلب من يخبر بواطن أحواله ، ويستخرج بالسؤال مقابحه حتى يعدها ذخيرة لنفسه في إفضاحه وتخجيله إذا مست إليه حاجة ، حتى إنه ليستكشف عن أحوال صباه وعن عيوب بدنه فعساه يعثر على هفوة أو على عيب به من قرع أو غيره ، ثم إذا أحس بأدنى غلبة من جهته عرّض به إن كان متماسكا ، ويستحسن ذلك منه ، ويعد من لطائف التسبب ، ولا يمتنع عن الإفصاح به إن كان متبجحا بالسفاهة والاستهزاء ، كما حكى عن قوم من أكابر المناظرين المعدودين من فحولهم .
ومنها الفرح لمساءة الناس والغم لمسارّهم ، ومن لا يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه فهو بعيد من أخلاق المؤمنين ، فكل من طلب المباهاة بإظهار الفضل يسره لا محالة ما يسوء أقرانه وأشكاله الذين يسامونه في الفضل ، ويكون التباغض بينهم كما بين الضرائر ، فكما أن إحدى الضرائر إذا رأت صاحبتها من بعيد ارتعدت فرائصها واصفر لونها ، فهكذا ترى المناظر إذا رأى مناظرا تغير لونه واضطرب عليه فكره ، فكأنه يشاهد شيطانا ماردا أو سبعا ضاريا ! فأين الاستئناس والاسترواح الذي كان يجرى بين علماء الدين عند اللقاء ، وما نقل عنهم من المؤاخاة والتناصر والتساهم في السراء والضراء ، حتى قال الشافعي رضى الله عنه : العلم بين أهل الفضل والعقل رحم متصل . فلا أدرى كيف يدعى الاقتداء بمذهبه جماعة صار العلم بينهم عداوة قاطعة ، فهل يتصوّر أن ينسب الأنس بينهم مع طلب الغلبة والمباهاة ؟ هيهات هيهات ! وناهيك بالشر شرا أن يلزمك أخلاق المنافقين ، ويبرئك عن أخلاق المؤمنين والمتقين ومنها النفاق ، فلا يحتاج إلى ذكر الشواهد في ذمه ، وهم مضطرون إليه ، فإنهم يلقون

78

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 78
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست