responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 77


وقال صلَّى الله عليه وسلم حكاية عن الله تعالى [ 1 ] « العظمة إزاري والكبرياء ردائي ، فمن نازعني فيهما قصمته » ولا ينفك المناظر عن التكبر على الأقران والأمثال ، والترفع إلى فوق قدره ، حتى إنهم ليتقاتلون على مجلس من المجالس يتنافسون فيه في الارتفاع والانخفاض ، والقرب من وسادة الصدر والبعد منها ، والتقدم في الدخول عند مضايق الطرق . وربما يتعلل الغبي والمكار الخداع منهم بأنه يبغى صيانة عن العلم ، [ 2 ] و « أنّ المؤمن منهيّ عن الإذلال لنفسه » فيعبر عن التواضع الذي أثنى الله عليه وسائر أنبيائه بالذل ، وعن التكبر الممقوت عند الله بعز الدين ، تحريفا للاسم ، وإضلالا للخلق به ، كما فعل في اسم الحكمة والعلم وغيرهما .
ومنها الحقد ، فلا يكاد المناظر يخلو عنه .
وقد قال صلَّى الله عليه وسلم [ 3 ] « المؤمن ليس بحقود » .
وورد في ذم الحقد ما لا يخفى ، ولا نرى مناظرا يقدر على أن لا يضمر حقدا على من يحرك رأسه من كلام خصمه ، ويتوقف في كلامه فلا يقابله بحسن الإصغاء ، بل يضطر إذا شاهد ذلك إلى إضمار الحقد وتربيته في نفسه ، وغاية تماسكه الإخفاء بالنفاق ، ويترشح منه إلى الظاهر لا محالة في غالب الأمر . وكيف ينفك عن هذا ، ولا يتصور اتفاق جميع المستمعين على ترجيح كلامه ، واستحسان جميع أحواله في إيراده وإصداره ؟ بل لو صدر من خصمه أدنى سبب فيه قلة مبالاة بكلامه انغرس في صدره حقد لا يقلعه مدى الدهر إلى آخر العمر ومنها الغيبة ، وقد شبهها الله بأكل الميتة ، ولا يزال المناظر مثابرا على أكل الميتة ، فإنه لا ينفك عن حكاية كلام خصمه ومذمته . وغاية تحفّظه أن يصدق فيما يحكيه عليه ولا يكذب في الحكاية عنه ، فيحكي عنه لا محالة ما يدل على قصور كلامه وعجزه ونقصان فضله ، وهو الغيبة .
فأما الكذب فبهتان ، وكذلك لا يقدر على أن يحفظ لسانه عن التعرض لعرض من يعرض عن كلامه ويصغى إلى خصمه ويقبل عليه ، حتى ينسبه إلى الجهل والحماقة وقلة الفهم والبلادة .

77

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست