responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 69


اجتناب السم القاتل ، فإنها الداء العضال ، وهو الذي رد الفقهاء كلهم إلى طلب المنافسة والمباهاة على ما سيأتيك تفصيل غوائلها وآفاتها . وهذا الكلام ربما يسمع من قائله ، فيقال : الناس أعداء ما جهلوا . فلا تسننّ ذلك ، فعلى الخبير سقطت ، فاقبل هذه النصيحة ممن ضيع العمر فيه زمانا ، وزاد فيه على الأولين تصنيفا وتحقيقا وجدلا وبيانا ، ثم ألهمه الله رشده وأطلعه على عيبه ، فهجره واشتغل بنفسه ، فلا يغرنك قول من يقول : الفتوى عماد الشرع ، ولا يعرف علله إلا بعلم الخلاف ، فان علل المذهب مذكورة في المذهب ، والزيادة عليها مجادلات لم يعرفها الأولون ولا الصحابة ، وكانوا أعلم بعلل الفتاوى من غيرهم ، بل هي مع أنها غير مفيدة في علم المذهب ضارة مفسدة لذوق الفقه ، فان الذي يشهد له حدس المفتي إذا صح ذوقه في الفقه لا يمكن تمشيته على شروط الجدل في أكثر الأمر . فمن ألف طبعه رسوم الجدل أذعن ذهنه لمقتضيات الجدل وجبن عن الإذعان لذوق الفقه ، وإنما يشتغل به من يشتغل لطلب الصيت والجاه ، ويتعلل بأنه يطلب علل المذهب ، وقد ينقضي عليه العمر ولا تنصرف همته إلى علم المذهب . فكن من شياطين الجن في أمان ، واحترز من شياطين الانس ، فإنهم أراحوا شياطين الجن من التعب في الإغواء والإضلال وبالجملة فالمرضىّ عند العقلاء أن تقدر نفسك في العالم وحدك مع الله ، وبين يديك الموت والعرض والحساب والجنة والنار ، وتأمل فيما يعنيك مما بين يديك ، ودع عنك ما سواه ، والسلام وقد رأى بعض الشيوخ بعض العلماء في المنام فقال له : ما خبر تلك العلوم التي كنت تجادل فيها وتناظر عليها ؟ فبسط يده ونفخ فيها ، وقال : طاحت كلها هباء منثورا ، وما انتفعت إلا بركعتين خلصتا لي في جوف الليل !
وفي الحديث [ 1 ] « ما ضلّ قوم بعد هدى كانوا عليه إلَّا أوتوا الجدل » ثم قرأ * ( ما ضَرَبُوه لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ) * .
وفي الحديث في معنى قوله تعالى : * ( فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ) * الآية [ 2 ] هم أهل الجدل الذين عناهم الله بقوله تعالى :
* ( فَاحْذَرْهُمْ ) * .
وقال بعض السلف : يكون في آخر الزمان قوم يغلق عليهم باب العمل ، ويفتح

69

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست