responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 61


يزيد البسطامي أنه قال : سبحانى سبحانى ، وهذا فن من الكلام عظيم ضرره في العوام ، حتى ترك جماعة من أهل الفلاحة فلاحتهم ، وأظهروا مثل هذه الدعاوي ، فان هذا الكلام يستلذه الطبع ، إذ فيه البطالة من الأعمال مع تزكية النفس بدرك المقامات والأحوال ، فلا تعجز الأغبياء عن دعوى ذلك لأنفسهم ، ولا عن تلقف كلمات مخبطة مزخرفة ، ومهما أنكر عليهم ذلك لم يعجزوا عن أن يقولوا : هذا إنكار مصدره العلم والجدل ، والعلم حجاب ، والجدل عمل النفس . وهذا الحديث لا يلوح إلا من الباطن بمكاشفة نور الحق . فهذا ومثله مما قد استطار في البلاد شرره وعظم في العوام ضرره حتى من نطق بشيء منه فقتله أفضل في دين الله من إحياء عشرة . وأما أبو يزيد البسطامي رحمه الله ، فلا يصح عنه ما يحكى ، وإن سمع ذلك منه فلعله كان يحكيه عن الله عز وجل في كلام يردده في نفسه ، كما لو سمع وهو يقول : إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني ، فإنه ما كان ينبغي أن يفهم منه ذلك إلا على سبيل الحكاية .
الصنف الثاني من الشطح :
كلمات غير مفهومة لها ظواهر رائقة ، وفيها عبارات هائلة وليس وراءها طائل ، وذلك إما أن تكون غير مفهومة عند قائلها بل يصدرها عن خبط في عقله وتشويش في خياله لقلة إحاطته بمعنى كلام قرع سمعه ، وهذا هو الأكثر . وإما أن تكون مفهومة له ولكنه لا يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره ، لقلة ممارسته للعلم وعدم تعلمه طريق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة ، ولا فائدة لهذا الجنس من الكلام إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول ، ويحير الأذهان ، أو يحمل على أن يفهم منها معانى ما أريدت بها ، ويكون فهم كل واحد على مقتضى هواه وطبعه .
وقد قال صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « ما حدّث أحدكم قوما بحديث لا يفقهونه إلَّا كان فتنة عليهم » .
وقال صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « كلَّموا النّاس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون ، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟ » وهذا فيما يفهمه صاحبه ولا يبلغه عقل المستمع ، فكيف فيما لا يفهمه قائله ؟ فان كان يفهمه القائل دون المستمع فلا يحل ذكره .
وقال عيسى عليه السلام لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ، كونوا كالطبيب الرفيق يضع الدواء في موضع الداء . وفي لفظ آخر : من وضع الحكمة في غير أهلها فقد جهل ، ومن منعها أهلها فقد ظلم ، إن للحكمة حقا ، وإن لها أهلا ، فأعط كل ذي حق حقه .

61

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 61
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست