نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 60
إسم الكتاب : إحياء علوم الدين ( عدد الصفحات : 192)
فكان السجع المحذور المتكلف ما زاد على كلمتين ، ولذلك لما قال الرجل في دية الجنين : كيف ندى من لا شرب ولا أكل ، ولا صاح ولا استهل ، ومثل ذلك يطل ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم [ 1 ] « أسجع كسجع الأعراب ! » وأما الأشعار فتكثيرها في المواعظ مذموم ، قال الله تعالى : * ( والشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ . أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ في كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ) * وقال تعالى : * ( وما عَلَّمْناه الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَه ) * وأكثر ما اعتاده الوعاظ من الأشعار ما يتعلق بالتواصف بالعشق وجمال المعشوق ، وروح الوصال وألم الفراق ، والمجلس لا يحوى إلا أجلاف العوام ، وبواطنهم مشحونة بالشهوات ، وقلوبهم غير منفكة عن الالتفات إلى الصور المليحة ، فلا تحرك الأشعار من قلوبهم إلا ما هو مستكن فيها ، فتشتعل فيها نيران الشهوات ، فيزعقون ويتواجدون ، وأكثر ذلك أو كله يرجع إلى نوع فساد ، فلا ينبغي أن يستعمل من الشعر إلا ما فيه موعظة أو حكمة على سبيل استشهاد واستئناس . وقد قال صلَّى الله عليه وسلم : [ 2 ] « إنّ من الشّعر لحكمة » ولو حوى المجلس الخواص الذين وقع الاطلاع على استغراق قلوبهم بحب الله تعالى ولم يكن معهم غيرهم ، فان أولئك لا يضر معهم الشعر الذي يشير ظاهره إلى الخلق ، فان المستمع ينزل كل ما يسمعه على ما يستولى على قلبه كما سيأتي تحقيق ذلك في كتاب السماع ، ولذلك كان الجنيد رحمه الله يتكلم على بضعة عشر رجلا ، فان كثروا لم يتكلم ، وما تم أهل مجلسه قط عشرين . وحضر جماعة باب دار ابن سالم فقيل له : تكلم فقد حضر أصحابك ، فقال : لا ما هؤلاء أصحابي إنما هم أصحاب المجلس إن أصحابي هم الخواص . وأما الشطح فنعني به صنفين من الكلام أحدثه بعض الصوفية : أحدهما - الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى ، والوصال المغني عن الأعمال الظاهرة ، حتى ينتهى قوم إلى دعوى الاتحاد وارتفاع الحجاب ، والمشاهدة بالرؤية والمشافهة بالخطاب ، فيقولون : قيل لنا كذا وقلنا كذا ، ويتشبهون فيه بالحسين بن منصور الحلاج الذي صلب لأجل إطلاقه كلمات من هذا الجنس ، ويستشهدون بقوله : أنا الحق . وبما حكى عن أبي
60
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 60