responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 45


السائرين إلى الله تعالى من الأنبياء والأولياء ، وكل ذلك من علوم الآخرة وقيل للشافعي رحمه الله : متى يكون الرجل عالما ؟ قال : إذا تحقق في علم فعلمه وتعرض لسائر العلوم فنظر فيما فاته ، فعند ذلك يكون عالما ، فإنه قيل لجالينوس : إنك تأمر للداء الواحد بالأدوية الكثيرة المجمعة ، فقال : إنما المقصود منها واحد ، وإنما يجعل معه غيره لتسكن حدّته لأن الإفراد قاتل . فهذا وأمثاله مما لا يحصى يدل على علوّ رتبته في معرفة الله تعالى وعلوم الآخرة .
وأما إرادته بالفقه والمناظرة فيه وجه الله تعالى ، فيدل عليه ما روى عنه أنه قال : وددت أن الناس انتفعوا بهذا العلم وما نسب إلىّ شيء منه . فانظر كيف اطلع على آفة العلم وطلب الاسم له ، وكيف كان منزّه القلب عن الالتفات إليه ، مجرد النية فيه لوجه الله تعالى ! وقال الشافعي رضى الله عنه : ما ناظرت أحدا قط فأحببت أن يخطئ . وقال : ما كلمت أحدا قط إلا أحببت أن يوفق ويسدّد ويعان ويكون عليه رعاية من الله تعالى وحفظ ، وما كلمت أحدا قط وأنا أبالي أن يبين الله الحق على لساني أو على لسانه . وقال : ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلها منى إلا هبته واعتقدت محبته ، ولا كابرنى أحد على الحق ودافع الحجة إلا سقط من عينى ورفضته .
فهذه العلامات هي التي تدل على إرادة الله تعالى بالفقه والمناظرة . فانظر كيف تابعه الناس من جملة هذه الخصال الخمس على خصلة واحدة فقط ، ثم كيف خالفوه فيها أيضا ! ولهذا قال أبو ثور رحمه الله : ما رأيت ولا رأى الراؤن مثل الشافعي رحمه الله تعالى .
وقال أحمد بن حنبل رضى الله عنه : ما صليت صلاة منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو للشافعي رحمه الله تعالى . فانظر إلى إنصاف الداعي ، وإلى درجة المدعوّ له ، وقس به الأقران والأمثال من العلماء في هذه الأعصار وما بينهم من المشاحنة والبغضاء لتعلم تقصيرهم في دعوى الاقتداء بهؤلاء . ولكثرة دعائه له قال له ابنه : أي رجل كان الشافعي حتى تدعو له كل هذا الدعاء ؟ فقال أحمد : يا بني كان الشافعي رحمه الله تعالى كالشمس للدنيا ، وكالعافية للناس . فانظر هل لهذين من خلف ؟ وكان أحمد رحمه الله يقول : ما مس أحد بيد محبرة إلا وللشافعي رحمه الله في عنقه منة .
وقال يحيى بن سعيد القطان : ما صليت صلاة منذ أربعين سنة إلا وأنا أدعو فيها للشافعي لما فتح الله عز وجل عليه من العلم ، وو فقه للسداد فيه .

45

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست