responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 37


مجلدات من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج إلى شيء منها ، وإن احتيج لم تخل البلد عمن يقوم بها ويكيفيه مئونة التعب فيها ، فلا يزال يتعب فيها ليلا ونهارا ، وفي حفظه ودرسه ويغفل عما هو مهم نفسه في الدين ، وإذا روجع فيه قال اشتغلت به لأنه علم الدين وفرض الكفاية ، ويلبّس على نفسه وعلى غيره في تعلمه ، والفطن يعلم أنه لو كان غرضه أداء حق الأمر في فرض الكفاية لقدّم عليه فرض العين ، بل قدم عليه كثيرا من فروض الكفايات ، فكم من بلدة ليس فيها طبيب إلا من أهل الذمة ، ولا يجوز قبول شهادتهم فيما يتعلق بالأطباء من أحكام الفقه ثم لا نرى أحدا يشتغل به ، ويتهاترون على علم الفقه لا سيما الخلافيات والجدليات والبلد مشحون من الفقهاء بمن يشتغل بالفتوى والجواب عن الوقائع .
فليت شعري كيف يرخص فقهاء الدين في الاشتغال بفرض كفاية قد قام به جماعة ، وإهمال ما لا قائم به ؟ هل لهذا سبب إلا أن الطب ليس يتيسر الوصول به إلى تولى الأوقاف والوصايا وحيازة مال الأيتام وتقلد القضاء والحكومة والتقدم به على الأقران والتسلط به على الأعداء ، هيهات هيهات ! قد اندرس علم الدين بتلبيس علماء السوء ، فا لله تعالى المستعان ، وإليه الملاذ في أن يعيذنا من هذا الغرور الذي يسخط الرحمن ، ويضحك الشيطان ! وقد كان أهل الورع من علماء الظاهر مقرين بفضل علماء الباطن وأرباب القلوب ، كان الامام الشافعي رضى الله عنه يجلس بين يدي شيبان الراعي كما يقعد الصبي في المكتب ويسأله كيف يفعل كذا وكذا ، فيقال له : مثلك يسأل هذا البدوي ؟ فيقول : إن هذا وفق لما أغفلناه .
وكان أحمد بن حنبل رضى الله عنه ويحيى بن معين يختلفان إلى معروف الكرخي ولم يكن في علم الظاهر بمنزلتهما وكانا يسألانه . وكيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ 1 ] لما قيل له : كيف نفعل إذا جاءنا أمر لم نجده في كتاب ولا سنة ؟ فقال صلي الله عليه وسلم : « سلوا الصّالحين واجعلوه شورى بينهم » .
ولذلك قيل : علماء الظاهر زينة الأرض والملك ، وعلماء الباطن زينة السماء والملكوت . وقال الجنيد رحمه الله : قال لي السري شيخي يوما : إذا قمت من عندي فمن تجالس ؟
قلت المحاسبي فقال : نعم خذ من علمه وأدبه ودع عنك تشقيقه الكلام وردّه على المتكلمين ، ثم لما

37

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست