نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 27
فان كان في بلد شاع فيه الكلام وتناطق الناس بالبدع ، فينبغي أن يصان في أول بلوغه عنها بتلقين الحق ، فإنه لو ألقى إليه الباطل لوجبت إزالته عن قلبه ، وربما عسر ذلك ، كما أنه لو كان هذا المسلم تاجرا وقد شاع في البلد معاملة الربا ، وجب عليه تعلم الحذر من الربا . وهذا هو الحق في العلم الذي هو فرض عين . ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب ، فمن علم العلم الواجب ووقت وجوبه فقد علم العلم الذي هو فرض عين وما ذكره الصوفية من فهم خواطر العدو ولمّة الملك حق أيضا ، ولكن في حق من يتصدى له ، فإذا كان الغالب أن الإنسان لا ينفك عن دواعي الشر والرياء والحسد ، فيلزمه أن يتعلم من علم ربع المهلكات ما يرى نفسه محتاجا إليه ، وكيف لا يجب عليه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ 1 ] « ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه » . ولا ينفك عنها بشر . وبقية ما سنذكره من مذمومات أحوال القلب كالكبر والعجب وأخواتهما تتبع هذه الثلاث المهلكات ، وإزالتها فرض عين . ولا يمكن إزالتها إلا بمعرفة حدودها ومعرفة أسبابها ، ومعرفة علاماتها ومعرفة علاجها ، فان من لا يعرف الشر يقع فيه ، وبالعلاج هو مقابلة السبب بضده ، وكيف يمكن دون معرفة السبب والمسبب ؟ وأكثر ما ذكرناه في ربع المهلكات من فروض الأعيان ، وقد تركها الناس كافة اشتغالا بما لا يعنى . ومما ينبغي أن يبادر في إلقائه إليه إذا لم يكن قد انتقل عن ملة إلى ملة أخرى : الإيمان بالجنة والنار ، والحشر والنشر ، حتى يؤمن به ويصدق ، وهو من تتمة كلمتي الشهادة ، فإنه بعد التصديق بكونه عليه السلام رسولا ينبغي أن يفهم الرسالة التي هو مبلغها ، وهو أن من أطاع الله ورسوله فله الجنة ومن عصاهما فله النار . فإذا انتبهت لهذا التدريج علمت أن المذهب الحق هو هذا ، وتحققت أن كل عبد هو في مجاري أحواله في يومه وليلته لا يخلو من وقائع في عباداته ومعاملاته عن تجدّد لوازم عليه ، فيلزمه السؤال عن كل ما يقع له من النوادر ، ويلزمه المبادرة إلى تعلم ما يتوقع وقوعه على القرب غالبا . فإذا تبين أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد بالعلم المعرّف بالألف واللام في قوله صلى الله عليه وسلم : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم »
27
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 27