responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 177


فعلم أنها كناية عن القدرة التي هي سر الأصابع وروحها الخفي ، وكنى بالأصابع عن القدرة لأن ذلك أعظم وقعا في تفهم تمام الاقتدار . ومن هذا القبيل في كنايته عن الاقتدار قوله تعالى :
* ( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه أَنْ نَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ ) * فان ظاهره ممتنع ، إذ قوله : ( كن ) إن كان خطابا للشيء قبل وجوده فهو محال ، إذ المعدوم لا يفهم الخطاب حتى يمتثل ، وإن كان بعد الوجود فهو مستغن عن التكوين ، ولكن لما كانت هذه الكناية أوقع في النفوس في تفهيم غاية الاقتدار عدل إليها وأما المدرك بالشرع فهو أن يكون إجراؤه على الظاهر ممكنا ، ولكنه يروى أنه أريد به غير الظاهر كما ورد في تفسير قوله تعالى : * ( أَنْزَلَ من السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها ) * الآية ، وأن معنى الماء هاهنا هو القرءان ، ومعنى الأودية هي القلوب ، وأن بعضها احتملت شيئا كثيرا ، وبعضها قليلا ، وبعضها لم يحتمل ، والزبد مثل الكفر والنفاق ، فإنه وإن ظهر وطفا على رأس الماء فإنه لا يثبت ، والهداية التي تنفع الناس تمكث . وفي هذا القسم تعمق جماعة فأوّلوا ما ورد في الآخرة من الميزان والصراط وغيرهما ، وهو بدعة ، إذ لم ينقل ذلك بطريق الرواية ، وإجراؤه على الظاهر غير محال ، فيجب إجراؤه على الظاهر القسم الرابع - أن يدرك الإنسان الشيء جملة ثم يدركه تفصيلا بالتحقيق والذوق بأن يصير حالا ملابسا له ، فيتفاوت العلمان ويكون الأول كالقشر ، والثاني كاللباب ، والأول كالظاهر ، والثاني كالباطن ، وذلك كما يتمثل للانسان في عينه شخص في الظلمة أو على البعد فيحصل له نوع علم ، فإذا رآه بالقرب أو بعد زوال الظلام أدرك تفرقة بينهما ، ولا يكون الأخير ضد الأول بل هو استكمال له . فكذلك العلم والايمان والتصديق ، إذ قد يصدق الإنسان بوجود العشق والمرض والموت قبل وقوعه ، ولكن تحققه به عند الوقوع أكمل من تحققه قبل الوقوع ، بل للإنسان في الشهوة والعشق وسائر الأحوال ثلاثة أحوال متفاوتة وإدراكات متباينة . ( الأول ) تصديقه بوجوده قبل وقوعه . ( والثاني ) عند وقوعه ( والثالث ) بعد تصرمه ، فان تحققك بالجوع بعد زواله يخالف التحقق به قبل الزوال .
وكذلك من علوم الدين ما يصير ذوقا فيكمل فيكون ذلك كالباطن بالإضافة إلى ما قبل ذلك ، ففرق بين علم المريض بالصحة وبين علم الصحيح بها ففي هذه الأقسام الأربعة تتفاوت

177

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 177
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست