responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 176


القسم الثالث - أن يكون الشيء بحيث لو ذكر صريحا لفهم ولم يكن فيه ضرر ، ولكن يكنى عنه على سبيل الاستعارة والرمز ، ليكون وقعه في قلب المستمع أغلب ، وله مصلحة في أن يعظم وقع ذلك الأمر في قلبه ، كما لو قال قائل : رأيت فلانا يقلد الدر في أعناق الخنازير ، فكني به عن إفشاء العلم وبث الحكمة إلى غير أهلها ، فالمستمع قد يسبق إلى فهمه ظاهر اللفظ ، والمحقق إذا نظر وعلم أن ذلك الإنسان لم يكن معه در ولا كان في موضعه خنزير تفطن لدرك السر والباطن ، فيتفاوت الناس في ذلك . ومن هذا قال الشاعر :
< شعر > رجلان خياط وآخر حائك متقابلان على السماك الأعزل لا زال ينسج ذاك خرقة مدبر ويخيط صاحبه ثياب المقبل < / شعر > فإنه عبر عن سبب سماوى في الإقبال والادبار برجلين صانعين . وهذا النوع يرجع إلى التعبير عن المعنى بالصورة التي تتضمن عين المعنى أو مثله ، ومنه قوله صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] إنّ المسجد لينزوي من النّخامة كما تنزوي الجلدة على النّار « وأنت ترى أن ساحة المسجد لا تنقبض بالنخامة . ومعناه أن روح المسجد كونه معظما ورمى النخامة فيه تحقير له ، فيضاد معنى المسجدية مضادة النار لاتصال أجزاء الجلدة . وكذلك قوله صلَّى الله عليه وسلم : [ 2 ] « أما يخشى الَّذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحوّل الله رأسه رأس حمار ! ؟ » وذلك من حيث الصورة لم يكن قط ولا يكون ، ولكن من حيث المعني هو كائن ، إذ رأس الحمار لم يكن بحقيقته لكونه وشكله ، بل بخاصيته وهي البلادة والحمق . ومن رفع رأسه قبل الامام فقد صار رأسه رأس حمار في معنى البلادة والحمق وهو المقصود ، دون الشكل الذي هو قالب المعنى ، إذ من غاية الحمق أن يجمع بين الاقتداء وبين التقدم فإنهما متناقضان وإنما يعرف أن هذا السر على خلاف الظاهر إما بدليل عقلي أو شرعي أما العقلي فأن يكون حمله على الظاهر غير ممكن كقوله صلَّى الله عليه وسلم : [ 3 ] « قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرّحمن » إذ لو فتشنا عن قلوب المؤمنين فلم نجد فيها أصابع

176

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست