responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 168


إذا كان نشؤه في بلد يظهر فيها الجدل والتعصب ، فإنه لو اجتمع عليه الأوّلون والآخرون لم يقدروا على نزع البدعة من صدره ، بل الهوى والتعصب وبغض خصوم المجادلين وفرقة المخالفين يستولى على قلبه ويمنعه من ادراك الحق ، حتى لو قيل له : هل تريد أن يكشف الله تعالى لك الغطاء ويعرفك بالعيان أن الحق مع خصمك ، لكره ذلك خيفة من أن يفرح به خصمه . وهذا هو الداء العضال الذي استطار في البلاد والعباد ، وهو نوع فساد أثاره المجادلون بالتعصب . فهذا ضرره وأما منفعته ، فقد يظن أن فائدته كشف الحقائق ومعرفتها على ما هي عليه ، وهيهات ، فليس في الكلام وفاء بهذا المطلب الشريف ، ولعل التخبيط والتضليل فيه أكثر من الكشف والتعريف ، وهذا إذا سمعته من محدّث أو حشوي ربما خطر ببالك أن الناس أعداء ما جهلوا .
فأسمع هذا ممن خبر الكلام ثم قلاه بعد حقيقة الخبرة ، وبعد التغلغل فيه إلى منتهى درجة المتكلمين ، وجاوز ذلك إلى التعمق في علوم أخر تناسب نوع الكلام ، وتحقق أن الطريق الى حقائق المعرفة من هذا الوجه مسدود ولعمري لا ينفك الكلام عن كشف وتعريف وإيضاح لبعض الأمور ، ولكن على الندور في أمور جلية تكاد تفهم قبل التعمق في صنعة الكلام ، بل منفعته شيء واحد ، وهو حراسة العقيدة التي ترجمناها على العوام ، وحفظها عن تشويشات المبتدعة بأنواع الجدل ، فان العامي ضعيف يستفزه جدل المبتدع وإن كان فاسدا ، ومعارضة الفاسد بالفاسد تدفعه ، والناس متعبدون بهذه العقيدة التي قدمناها ، إذ ورد الشرع بها لما فيها من صلاح دينهم ودنياهم ، وأجمع السلف الصالح عليها ، والعلماء يتعبدون بحفظها على العوام من تلبيسات المبتدعة ، كما تعبد السلاطين بحفظ أموالهم عن تهجمات الظلمة والغصاب . وإذا وقعت الإحاطة بضرره ومنفعته فينبغي أن يكون كالطبيب الحاذق في استعمال الدواء الخطر ، إذ لا يضعه إلا في موضعه ، وذلك في وقت الحاجة ، وعلى قدر الحاجة وتفصيله أن العوام المشتغلين بالحرف والصناعات يجب أن يتركوا عل سلامة عقائدهم التي اعتقدوها مهما تلقنوا الاعتقاد الحق الذي ذكرناه ، فان تعليمهم الكلام ضرر محض في حقهم إذ ربما يثير لهم شكا ، ويزلزل عليهم الاعتقاد ، ولا يمكن القيام بعد ذلك بالاصلاح

168

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست