responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 122


قال على رضى الله عنه في حديث طويل ) * : « القلوب أوعية وخيرها أوعاها للخير ، والناس ثلاثة : عالم ربانى ، ومتعلم على سبيل النجاة ، وهمج رعاع أتباع لكل ناعق ، يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، العلم خير من المال ، العلم يحرسك وأنت تحرس المال ، والعلم يزكو على الإنفاق والمال ينقصه الإنفاق ، والعلم دين يدان به ، تكتسب به الطاعة في حياته ، وجميل الأحدوثة بعد وفاته ، العلم حاكم والمال محكوم عليه ، ومنفعة المال تزول بزواله ، مات خزّان الأموال وهم أحياء ، والعلماء أحياء باقون ما بقي الدهر . ثم تنفس الصعداء ، وقال : هاه ! إن هاهنا علما جمّا لو وجدت له حملة ، بل أجد طالبا غير مأمون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ، ويستطيل بنعم الله على أوليائه ، ويستظهر بحجته على خلقه ، أو منقادا لأهل الحق لكن ينزرع الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ، لا بصيرة له لا ذا ولا ذاك ، أو منهوما باللذات سلس القياد في طلب الشهوات ، أو مغرى بجمع الأموال والادخار منقادا لهواه ، أقرب شبها بهم الأنعام السائمة ، اللهم هكذا يموت العلم إذا مات حاملوه ، ثم لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، إما ظاهر مكشوف ، وإما خائف مقهور ، لكيلا تبطل حجج الله تعالى وبيناته ، وكم وأين أولئك هم الأقلون عددا ، الأعظمون قدرا ، أعيانهم مفقودة ، وأمثالهم في القلوب موجودة ، يحفظ الله تعالى بهم حججه حتى يودعوها من وراءهم ، ويزرعوها في قلوب أشباههم ، هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين فاستلانوا ما استوعر منه المترفون ، وأنسوا بما استوحش منه الغافلون ، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى ، أولئك أولياء الله عز وجل من خلقه ، وأمناؤه وعماله في أرضه ، والدعاة إلى دينه . ثم بكى وقال : وا شوقاه إلى رؤيتهم ! ! » فهذا الذي ذكره أخيرا هو وصف علماء الآخرة ، وهو العلم الذي يستفاد أكثره من العمل والمواظبة على المجاهدة ومنها - أن يكون شديد العناية بتقوية اليقين ، فان اليقين هو رأس مال الدين ، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم [ 1 ] « اليقين الإيمان كلَّه » فلا بد من تعلم علم اليقين ، أعنى أوائله ، ثم ينفتح للقلب طريقه ، ولذلك قال صلَّى الله عليه وسلم [ 2 ] « تعلَّموا اليقين » ومعناه جالسوا الموقنين واستمعوا منهم علم اليقين ، وواظبوا على الاقتداء بهم ليقوى يقينكم كما قوى يقينهم ، وقليل من اليقين خير من كثير من العمل .
وقال صلَّى الله عليه وسلم لما قيل له : رجل حسن اليقين كثير الذنوب ، ورجل مجتهد في العبادة قليل اليقين ، فقال صلَّى الله عليه وسلم [ 3 ] « ما من آدميّ إلَّا وله ذنوب »

122

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست