نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 111
فتركت الحسد واجتنبت الخلق ، وعلمت أن القسمة من عند الله سبحانه ، فتركت عداوة الخلق عنى السادسة : نظرت إلى هذا الخلق يبغى بعضهم على بعض ، ويقاتل بعضهم بعضا ، فرجعت إلى قول الله عز وجل * ( إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوه عَدُوًّا ) * فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذرى منه ، لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو لي ، فتركت عداوة الخلق غيره السابعة : نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة فيذل فيها نفسه ويدخل فيما لا يحل له ، ثم نظرت إلى قوله تعالى : * ( وما من دَابَّةٍ في الأَرْضِ إِلَّا عَلَى الله رِزْقُها ) * فعلمت أنى واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها ، فاشتغلت بما لله تعالى علىّ ، وتركت مالي عنده الثامنة : نظرت إلى هذا الخلق فرأيتهم كلهم متوكلين على مخلوق : هذا على ضيعته ، وهذا على تجارته ، وهذا على صناعته ، وهذا على صحة بدنه ، وكل مخلوق متوكل على مخلوق مثله ، فرجعت إلى قوله تعالى : * ( ومن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَهُوَ حَسْبُه ) * فتوكلت على الله عز وجل ، فهو حسبي . قال شقيق : يا حاتم وفقك الله تعالى ، فانى نظرت في علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم فوجدت جميع أنواع الخير والديانة ، وهي تدور على هذه الثمان مسائل ، فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة . فهذا الفن من العلم لا يهتم بادراكه والتفطن له إلا علماء الآخرة ، فأما علماء الدنيا فيشتغلون بما يتيسر به اكتساب المال والجاه ، ويهملون أمثال هذه العلوم التي بعث الله بها الأنبياء كلهم عليهم السلام . وقال الضحاك بن مزاحم : أدركتهم وما يتعلم بعضهم من بعض إلا الورع ، وهم اليوم ما يتعلمون إلا الكلام ومنها أن يكون غير مائل إلى الترفه في المطعم والمشرب ، والتنعم في الملبس ، والتجمل في الأثاث والمسكن ، بل يؤثر الاقتصاد في جميع ذلك ، ويتشبه فيه بالسلف رحمهم الله تعالى ، ويميل إلى الاكتفاء بالأقل في جميع ذلك ، وكلما زاد إلى طرف القلة ميله ازداد من الله قربه ،
111
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 111