نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 109
وقال سرى السّقطى : اعتزل رجل للتعبد كان حريصا على طلب علم الظاهر ، فسألته فقال : رأيت في النوم قائلا يقول لي إلى كم تضيع العلم ضيعك الله ! فقلت : إنى لأحفظه ، فقال حفظ العلم العمل به . فتركت الطلب وأقبلت على العمل . وقال ابن مسعود رضى الله عنه : ليس العلم بكثرة الرواية إنما العالم لخشية . وقال الحسن : تعلموا ما شئتم أن تعلموا فو الله لا يأجركم الله حتى تعملوا ، فان السفهاء همتهم الرواية ، والعلماء همتهم الرعاية . وقال مالك رحمه الله : إن طلب العلم لحسن ، وإن نشره لحسن إذا صحت فيه النية ، ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسى فلا تؤثرن عليه شيئا وقال ابن مسعود رضى الله عنه : أنزل القرءان ليعمل به فاتخذتم دراسته عملا ، وسيأتي قوم يثقفونه مثل القناة ليسوا بخياركم ، والعالم الذي لا يعمل كالمريض الذي يصف الدواء ، وكالجائع الذي يصف لذائذ الأطعمة ولا يجدها وفي مثله قوله تعالى : * ( ولَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ) * . وفي الخبر [ 1 ] « ممّا أخاف على أمّتي زلَّة عالم وجدال منافق في القرءان » ومنها أن تكون عنايته بتحصيل العلم النافع في الآخرة ، المرغب في الطاعات ، مجتنبا للعلوم التي يقل نفعها ويكثر فيها الجدال والقيل والقال . فمثال من يعرض عن علم الأعمال ويشتغل بالجدال مثل رجل مريض به علل كثيرة وقد صادف طبيبا حاذقا في وقت ضيق يخشى فواته ، فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والأدوية وغرائب الطب ، وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به ، وذلك محض السفه . وقد روى [ 2 ] « أنّ رجلا جاء رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال : علَّمنى من غرائب العلم ، فقال له : ما صنعت في رأس العلم ؟ فقال : وما رأس العلم ؟ قال صلَّى الله عليه وسلم : هل عرفت الربّ تعالى ؟ قال نعم . قال فما صنعت في حقّه ؟ قال : ما شاء الله . فقال صلَّى الله عليه وسلم : هل عرفت الموت ؟ قال نعم . قال فما أعددت له ؟ قال : ما شاء الله . قال صلَّى الله عليه وسلم : اذهب فأحكم ما هناك ثم تعال نعلَّمك من غرائب العلم «
109
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 109