responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 92


بصدده . والمقصود أن هذه اللطيفة هي الساعية إلى قرب الرب لأنها من أمر الرب ، فمنه مصدرها ، وإليه مرجعها . وأما البدن فمطيتها التي تركبها وتسعى بواسطتها . فالبدن لها في طريق الله تعالى كالنافة للبدن في طريق الحج ، وكالراوية الخازنة للماء الذي يفتقر إليه البدن ، فكل علم مقصده مصلحة البدن فهو من جملة مصالح المطية ، ولا يخفى أن الطب كذلك ، فإنه قد يحتاج اليه في حفظ الصحة على البدن ، ولو كان الإنسان وحده لاحتاج إليه ، والفقه يفارقه في أنه لو كان الإنسان وحده ربما كان يستغنى عنه ، ولكنه خلق على وجه لا يمكنه أن يعيش وحده ، إذ لا يستقل بالسعي وحده في تحصيل طعامه ، بالحراثة والزرع والخبز والطبخ ، وفي تحصيل الملبس والمسكن ، وفي إعداد آلات ذلك كله ، فاضطر إلى المخالطة والاستعانة ، ومهما اختلط الناس وثارت شهواتهم تجاذبوا أسباب الشهوات ، وتنازعوا وتقاتلوا ، وحصل من قتالهم هلاكهم بسبب التنافس من خارج ، كما يحصل هلاكهم بسبب تضاد الأخلاط من داخل ، وبالطب يحفظ الاعتدال في الأخلاط المتنازعة من داخل ، وبالسياسة والعدل يحفظ الاعتدال في التنافس من خارج ، وعلم طريق اعتدال الأخلاط طب ، وعلم طريق اعتدال أحوال الناس في المعاملات والأفعال فقه ، وكل ذلك لحفظ البدن الذي هو مطية . فالمتجرد لعلم الفقه أو الطلب إذا لم يجاهد نفسه ولا يصلح قبة كالمتجرد لشراء الناقة وعلفها وشراء الراوية وخرزها إذا لم يسلك بادية الحج ، والمستغرق عمره في دقائق الكلمات التي تجرى في مجادلات الفقه كالمستغرق عمره في دقائق الأسباب التي بها تستحكم الخيوط التي تخرز بها الراوية للحج . ونسبة هؤلاء من السالكين لطريق إصلاح القلب الموصل إلى علم المكاشفة كنسبة أولئك إلى سالكي طريق الحج أو ملابسى أركانه . فتأمل هذا أولا ، وأقبل النصيحة مجّانا ممن قام عليه ذلك غالبا ولم يصل اليه إلا بعد جهد جهيد ، وجراءة تامة على مباينة الخلق العامة والخاصة ، في النزوع من تقليدهم بمجرد الشهوة . فهذا القدر كاف في وظائف المتعلم بيان وظائف المرشد المعلم اعلم أن للانسان في علمه أربعة أحوال ، كحاله في اقتناء الأموال : إذ لصاحب المال حال استفادة فيكون مكتسبا ، وحال ادخار لما اكتسبه فيكون به غنيا عن السؤال ، وحال إنفاق على نفسه

92

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 92
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست