responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 91


لا على قصد الامتثال والعبودية بل لغرض عاجل ، فهو من أصحاب الشمال ، ومن الضالين ، فله نزل من حميم وتصلية جحيم واعلم أن هذا هو حق اليقين عند العلماء الراسخين ، أعنى أنهم أدركوه بمشاهدة من الباطن هي أقوى وأجلى من مشاهدة الأبصار ، وترقوا فيه عن حد التقليد لمجرد السماع ، وحالهم حال من أخبر فصدّق ، ثم شاهد فحقق ، وحال غيرهم حال من قبل بحسن التصديق والايمان ولم بحظ بالمشاهدة والعيان . فالسعادة وراء علم المكاشفة ، وعلم المكاشفة وراء علم المعاملة التي هي سلوك طريق الآخرة . وقطع عقبات الصفات وسلوك طريق محو الصفات المذمومة وراء علم الصفات . وعلم طريق المعالجة وكيفية السلوك في ذلك وراء علم سلامة البدن ، ومساعدة أسباب الصحة وسلامة البدن بالاجتماع والتظاهر والتعاون الذي يتوصل به إلى الملبس والمطعم والمسكن ، وهو منوط بالسلطان ، وقانونه في ضبط الناس على منهج العدل والسياسة في ناصية الفقيه .
وأما أسباب الصحة ففي ناصية الطبيب . ومن قال : العلم علمان : علم الأبدان وعلم الأديان ، وأشار به إلى الفقه ، أراد به العلوم الظاهرة الشائعة لا العلوم العزيزة الباطنة فان قلت : لم شبهت علم الطب والفقه باعداد الزاد والراحلة ؟
فاعلم أن الساعي إلى الله تعالى لينال قربه هو القلب دون البدن ، ولست أعنى بالقلب اللحم المحسوس ، بل هو سر من أسرار الله عز وجل لا يدركه الحس ، ولطيفة من لطائفه تارة يعبر عنه بالروح ، وتارة بالنفس المطمئنة . والشرع يعبر عنه بالقلب لأنه المطية الأولى لذلك السر ، وبواسطته صار جميع البدن مطية وآلة لتلك اللطيفة . وكشف الغطاء عن ذلك السر من علم المكاشفة ، وهو مضنون به بل لا رخصة في ذكره . وغاية المأذون فيه أن يقال : هو جوهر نفيس ودر عزيز أشرف من هذه الأجرام المرئية ، وإنما هو أمر إلهى ، كما قال تعالى : * ( ويَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ من أَمْرِ رَبِّي ) * وكل المخلوقات منسوبة إلى الله تعالى ، ولكن نسبته أشرف من نسبة سائر أعضاء البدن ، فلله الخلق والأمر جميعا ، والأمر أعلى من الخلق ، وهذه الجوهرة النفيسة الحاملة لأمانة الله تعالى المتقدمة بهذه الرتبة على السموات والأرضين والجبال إذ أبين أن يحملنها وأشفقن منها ، من عالم الأمر . ولا يفهم من هذا أنه تعريض بقدمها ، فان القائل بقدم الأرواح مغرور جاهل لا يدرى ما يقول . فلنقبض عنان البيان عن هذا الفن ، فهو وراء ما نحن

91

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست