نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 58
وفي الحديث [ 1 ] « إنّ لله تعالى ملائكة سيّاحين في الدّنيا سوى ملائكة الخلق إذا رأوا مجالس الذّكر ينادي بعضهم بعضا ألا هلمّوا إلى بغيتكم فيأتونهم ويحفّون بهم ويستمعون ، ألا فاذكروا الله وذكَّروا أنفسكم » فنقل ذلك إلى ما ترى أكثر الوعاظ في هذا الزمان ، يواظبون عليه ، وهو القصص والأشعار والشطح والطامات ، أما القصص فهي بدعة ، وقد ورد نهى السلف عن الجلوس إلى القصّاص ، وقالوا : [ 2 ] لم يكن ذلك في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ولا في زمن أبي بكر ولا عمر رضى الله عنهما حتى ظهرت الفتنة وظهر القصاص . وروى أن ابن عمر رضى الله عنهما خرج من المسجد فقال : ما أخرجني إلا القاصّ ولولاه لما خرجت . وقال ضمرة : قلت لسفيان الثوري : نستقبل القاص بوجوهنا ؟ فقال : ولَّوا البدع ظهوركم . وقال ابن عون : دخلت على ابن سيرين فقال : ما كان اليوم من خبر ؟ فقلت : نهى الأمير القصاص أن يقصوا ، فقال : وفّق للصواب . ودخل الأعمش جامع البصرة فرأى قاصا يقص ويقول : حدثنا الأعمش ، فتوسط الحلقة وجعل ينتف شعر إبطه ، فقال القاص : يا شيخ ألا تستحيي ! فقال : لم ؟ أنا في سنة وأنت في كذب ، أنا الأعمش وما حدثتك ! وقال أحمد : أكثر الناس كذبا القصّاص والسؤّال . وأخرج علىّ رضى الله عنه القصاص من مسجد جامع البصرة فلما سمع كلام الحسن البصري لم يخرجه ، إذ كان يتكلم في علم الآخرة ، والتفكير بالموت ، والتنبيه على عيوب النفس وآفات الأعمال وخواطر الشيطان ووجه الحذر منها ، ويذكَّر بآلاء الله ونعمائه ، وتقصير العبد في شكره ، ويعرّف حقارة الدنيا وعيوبها وتصرمها ونكث عهدها ، وخطر الآخرة وأهوالها . فهذا هو التذكير المحمود شرعا الذي روى الحث عليه في حديث أبي ذر رضى الله عنه حيث قال : [ 3 ] « حضور مجلس ذكر أفضل من صلاة ألف ركعة ، وحضور مجلس علم أفضل من عبادة ألف مريض . وحضور مجلس علم أفضل من شهود ألف جنازة . فقيل : يا رسول الله : ومن قراءة القرءان ؟ قال : وهل تنفع قراءة القرءان إلَّا بالعلم ؟ »
58
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي جلد : 1 صفحه : 58