responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 171


( الثانية ) الذكاء والفطنة والفصاحة ، فان البليد لا ينتفع بفهمه والقدم لا ينتفع بحاجه فيخاف عليه من ضرر الكلام ولا يرجى فيه نفعه ( الثالثة ) أن يكون في طبعه الصلاح والديانة والتقوى ، ولا تكون الشهوات غالبة عليه ، فان الفاسق بأدنى شبهة ينخلع عن الدين ، فان ذلك يحل عنه الحجر ويرفع السد الذي بينه وبين الملاذ ، فلا يحرص على إزالة الشبه بل يغتنمها ليتخلص من أعباء التكليف ، فيكون ما يفسده مثل هذا المتعلم أكثر مما يصلحه وإذا عرفت هذه الانقسامات اتضح لك أن هذه الحجة المحمودة في الكلام إنما هي من جنس حجج القرءان من الكلمات للطيفة المؤثرة في القلوب ، المقنعة للنفوس ، دون التغلغل في التقسيمات والتدقيقات التي لا يفهمها أكثر الناس ، وإذا فهموها اعتقدوا أنها شعوذة وصناعة تعلمها صاحبها للتلبيس . فإذا قابله مثله في الصنعة قاومه . وعرفت أن الشافعي وكافة السلف انما منعوا عن الخوض فيه والتجرد له لما فيه من الضرر الذي نبهنا عليه ، وأن ما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما من مناظرة الخوارج وما نقل عن علىّ رضى الله عنه من المناظرة في القدر وغيره ، كان من الكلام الجلي الظاهر وفي محل الحاجة ، وذلك محمود في كل حال . نعم : قد تختلف الأعصار في كثرة الحاجة وقلتها ، فلا يبعد أن يختلف الحكم لذلك . فهذا حكم العقيدة التي تعبد الخلق بها ، وحكم طريق النضال عنها وحفظها . فأما إزالة الشبهة وكشف الحقائق ومعرفة الأشياء على ماهى عليه ، وإدراك الأسرار التي يترجمها ظاهر ألفاظ هذه العقيدة ، فلا مفتح له الا المجاهد ، وقمع الشهوات والإقبال بالكلية على الله تعالى وملازمة الفكر الصافي عن شوائب المجادلات ، وهي رحمة من الله عز وجل تفيض على من يتعرض لنفحاتها بقدر الرزق وبحسب التعرض وبحسب قبول المحل وطهارة القلب ، وذلك البحر الذي لا يدرك غوره ولا يبلغ ساحله مسألة فان قلت : هذا الكلام يشير إلى أن هذه العلوم لها ظواهر وأسرار ، وبعضها جلي يبدو أولا ، وبعضها خفى يتضح بالمجاهدة والرياضة والطلب الحثيث والفكر الصافي والسر الخالي عن كل شيء من أشغال الدنيا سوى المطلوب ، وهذا يكاد يكون مخالفا للشرع ، إذ

171

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست